responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 181
أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هاهُنا آمِنِينَ، فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ، وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ، وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ، الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ، قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ، مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ، قالَ هذِهِ ناقَةٌ لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ، وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ، فَعَقَرُوها فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ، فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ.
أَتُتْرَكُونَ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إِنْكَارًا لِأَنْ يُتْرَكُوا مُخَلَّدِينَ فِي نَعِيمِهِمْ لَا يَزُولُونَ عَنْهُ، وَأَنْ يَكُونَ تَذْكِيرًا بِالنِّعْمَةِ فِي تَخْلِيَةِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ وَمَا يَتَنَعَّمُونَ فِيهِ مِنَ الْجَنَّاتِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مَعَ الْأَمْنِ وَالدَّعَةِ، قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ. وَقَالَ ابْنُ عطية: تَخْوِيفٌ لَهُمْ، بِمَعْنَى: أَتَطْمَعُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ فِي النِّعَمِ عَلَى مَعَاصِيكُمْ؟ وَقِيلَ: أَتُتْرَكُونَ؟ اسْتِفْهَامٌ فِي مَعْنَى التَّوْبِيخِ، أي أيترككم ربكم؟ فِي ما هاهُنا: أَيْ فِيمَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا آمِنِينَ: لَا تَخَافُونَ بَطْشَهُ. انْتَهَى.
وَمَا مَوْصُولَةٌ، وَهَاهُنَا إِشَارَةٌ إِلَى الْمَكَانِ الْحَاضِرِ الْقَرِيبِ، أَيْ فِي الَّذِي اسْتَقَرَّ فِي مَكَانِكُمْ هَذَا مِنَ النَّعِيمِ. وفِي جَنَّاتٍ بَدَلٌ مِنْ مَا هَاهُنَا أَجْمَلَ، ثُمَّ فَصَّلَ، كَمَا أَجْمَلَ هُودٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي قَوْلِهِ: أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ، ثُمَّ فَصَّلَ فِي قَوْلِهِ: أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ، وَكَانَتْ أَرْضُ ثَمُودَ كَثِيرَةَ الْبَسَاتِينِ وَالْمَاءِ وَالنَّخْلِ. وَالْهَضِيمُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِذَا أَيْنَعَ وَبَلَغَ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: الرَّخْصُ اللَّطِيفُ أَوَّلَ مَا يَخْرُجُ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الَّذِي رُطَبُهُ بِغَيْرِ نَوًى.
وَقَالَ الضَّحَّاكُ: الْمُنَضَّدُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ. وَقِيلَ: الرُّطَبُ الْمُذَنَّبُ. وَقِيلَ: النَّضِيجُ مِنَ الرُّطَبِ. وَقِيلَ: الرُّطَبُ الْمُتَفَتِّتُ. وَقِيلَ: الْحُمَّاضُ الطَّلْعُ، وَيُقَارِبُ قِشْرَتَهُ مِنَ الْجَانِبَيْنِ مِنْ قَوْلِهِمْ: خَصْرٌ هَضِيمٌ. وَقِيلَ: الْعِذْقُ الْمُتَدَلِّي. وَقِيلَ: الْجُمَّارُ الرِّخْوُ. وَجَاءَ قَوْلُهُ:
وَنَخْلٍ بَعْدَ قَوْلِهِ: فِي جَنَّاتٍ، وَأَنْ كَانَتِ الْجَنَّةُ تَتَنَاوَلُ النَّخْلَ أَوَّلَ شَيْءٍ، وَيُطْلِقُونَ الْجَنَّةَ، وَلَا يُرِيدُونَ بِهَا إِلَّا النَّخْلَ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
كَأَنَّ عَيْنَيَّ فِي غَرْبَيْ مُقَتَّلَةٍ ... مِنَ النَّوَاضِحِ تَسْقِي جَنَّةً سُحُقَا
أَرَادَ هُنَا النَّخْلَ. وَالسُّحُقُ جَمْعُ سَحُوقٍ، وَهِيَ الَّتِي ذَهَبَتْ بِجَرْدَتِهَا صَعَدًا فَطَالَتْ.
فَأَفْرَدَ وَنَخْلٍ بِالذِّكْرِ بَعْدَ انْدِرَاجِهِ فِي لَفْظِ جَنَّاتٍ، تَنْبِيهًا عَلَى انْفِرَادِهِ عَنْ شَجَرِ الْجَنَّةِ بِفَضْلِهِ. أَوْ أَرَادَ بِجَنَّاتٍ غَيْرَ النَّخْلِ مِنَ الشَّجَرِ، لِأَنَّ اللَّفْظَ صَالِحٌ لِهَذِهِ الْإِرَادَةِ، ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْهِ وَنَخْلٍ، ذكرهم تعالى نعمه فِي أَنْ وَهَبَ لَهُمْ أَجْوَدَ النَّخْلِ وَأَيْنَعَهُ، لِأَنَّ الْإِنَاثَ وَلَّادَةٌ التَّمْرَ، وَطَلْعُهَا فِيهِ لُطْفٌ، وَالْهَضِيمُ: اللَّطِيفُ الضَّامِرُ، وَالْبَرْنِيُّ أَلْطَفُ مِنْ طَلْعِ اللَّوْنِ. وَيَحْتَمِلُ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 181
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست