responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 179
وقتادة: مبنيا للمفعول. ويقال: خلد الشيء وأخلده: غيره. وَقَرَأَ أُبَيٌّ، وَعَلْقَمَةُ، وَأَبُو الْعَالِيَةِ، مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ مُشَدَّدًا، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
وَهَلْ يَنْعَمَنْ إِلَّا سَعِيدٌ مُخَلَّدٌ ... قَلِيلُ الْهُمُومِ مَا يَبِيتُ بِأَوْجَالِ
وَإِذا بَطَشْتُمْ: أَيْ أَرَدْتُمُ الْبَطْشَ، وَحُمِلَ عَلَى الْإِرَادَةِ لِئَلَّا يَتَّحِدَ الشَّرْطُ وَجَوَابُهُ، كَقَوْلِهِ:
مَتَى تَبْعَثُوهَا تَبْعَثُوهَا ذَمِيمَةً أَيْ مَتَى أَرَدْتُمْ بَعْثَهَا. قَالَ الْحَسَنُ: بَادَرُوا تَعْذِيبَ النَّاسِ مِنْ غَيْرِ تَثَبُّتٍ وَلَا فِكْرٍ فِي الْعَوَاقِبِ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى أَنَّكُمْ كُفَّارُ الْغَضَبِ، لَكُمُ السَّطَوَاتُ الْمُفْرِطَةُ وَالْبَوَادِرُ. فَبِنَاءُ الْأَبْنِيَةِ الْعَالِيَةِ تَدُلُّ عَلَى حُبِّ الْعُلُوِّ، وَاتِّخَاذُ الْمَصَانِعِ رَجَاءَ الْخُلُودِ يَدُلُّ عَلَى الْبَقَاءِ، وَالْجَبَّارِيَّةُ تَدُلُّ عَلَى التَّفَرُّدِ بِالْعُلُوِّ، وَهَذِهِ صِفَاتُ الْإِلَهِيَّةِ، وَهِيَ مُمْتَنِعَةُ الْحُصُولِ لِلْعَبْدِ. وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى اسْتِيلَاءِ حُبِّ الدُّنْيَا عَلَيْهِمْ بِحَيْثُ خَرَجُوا عَنْ حَدِّ الْعُبُودِيَّةِ،
وَحُبُّ الدُّنْيَا رَأْسُ كُلِّ خَطِيئَةٍ.
وَلَمَّا نَبَّهَهُمْ وَوَبَّخَهُمْ عَلَى أَفْعَالِهِمُ الْقَبِيحَةِ، أَمَرَهُمْ ثَانِيًا بِتَقْوَى اللَّهِ وَطَاعَةِ نَبِيِّهِ. ثُمَّ أَمَرَهُمْ ثَالِثًا بِالتَّقْوَى تَنْبِيهًا لَهُمْ عَلَى إِحْسَانِهِ تَعَالَى إِلَيْهِمْ، وَسُبُوغِ نِعْمَتِهِ عَلَيْهِمْ. وَأَبْرَزَ صِلَةَ الَّذِي مُتَعَلِّقَةً بِعِلْمِهِمْ، تَنْبِيهًا لَهُمْ وَتَحْرِيضًا عَلَى الطَّاعَةِ وَالتَّقْوَى، إِذْ شُكْرُ الْمُحْسِنِ وَاجِبٌ، وَطَاعَتُهُ مُتَعَيِّنَةٌ، وَمُشِيرًا إِلَيْهِمْ بِأَنَّ مَنْ أَمَدَّ بِالْإِحْسَانِ هُوَ قَادِرٌ عَلَى سَلْبِهِ، وَعَلَى تَعْذِيبِ مَنْ لَمْ يَتَّقِهِ، إِذْ هَذَا الْإِمْدَادُ لَيْسَ مِنْ جِهَتِكُمْ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ تَفَضُّلِهِ تَعَالَى عَلَيْكُمْ بِحَيْثُ أَتْبَعَكُمْ إِحْسَانَهُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ. وَلَمَّا أَتَى بِذِكْرِ مَا أَمَدَّهُمْ بِهِ مُجْمَلًا مُحَالًا عَلَى عِلْمِهِمْ، أَتَى بِهِ مُفَصَّلًا. فَبَدَأَ بِالْأَنْعَامِ، وَهِيَ الَّتِي تَحْصُلُ بِهَا الرِّئَاسَةُ فِي الدُّنْيَا، وَالْقُوَّةُ عَلَى مَنْ عَادَاهُمْ، وَالْغِنَى هُوَ السَّبَبُ فِي حُصُولِ الذُّرِّيَّةِ غَالِبًا لِوَجْدِهِ. وَبِحُصُولِ الْقُوَّةِ أَيْضًا بِالْبَنِينَ، فَلِذَلِكَ قَرَنَهُمْ بِالْأَنْعَامِ، وَلِأَنَّهُمْ يَسْتَعِينُونَ بِهِمْ فِي حِفْظِهَا وَالْقِيَامِ عَلَيْهَا. وَأَتْبَعَ ذَلِكَ بِالْبَسَاتِينِ وَالْمِيَاهِ الْمُطَّرِدَةِ، إِذِ الْإِمْدَادُ بِذَلِكَ مِنْ إِتْمَامِ النِّعْمَةِ.
وبِأَنْعامٍ: ذَهَبَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ إِلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ قوله: بِما تَعْلَمُونَ، وَأُعِيدَ الْعَامِلُ كَقَوْلِهِ: اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْئَلُكُمْ [1] . وَالْأَكْثَرُونَ لَا يَجْعَلُونَ مِثْلَ هَذَا بَدَلًا وَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَهُمْ مِنْ تَكْرَارِ الْجُمَلِ، وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى وَاحِدًا، وَيُسَمَّى التَّتْبِيعَ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ أَنْ يُعَادَ عِنْدَهُمُ الْعَامِلُ إِذَا كَانَ حَرْفَ جَرٍّ دُونَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، نَحْوُ: مَرَرْتُ بِزَيْدٍ بِأَخِيكَ،

[1] سورة يس: 36/ 20- 21. [.....]
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 179
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست