responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 166
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَإِنَّمَا قَالَ: مَرِضْتُ دُونَ أَمْرَضَنِي، لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ أَسْبَابِ الْمَرَضِ يَحْدُثُ بِتَفْرِيطٍ مِنَ الْإِنْسَانِ فِي مَطَاعِمِهِ وَمَشَارِبِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْحُكَمَاءُ: لَوْ قِيلَ لَأَكْثَرِ الْمَوْتَى: مَا سَبَبُ آجَالِكُمْ؟ لَقَالُوا: الْتُخَمُ، وَلَمَّا كَانَ الشِّفَاءُ قَدْ يُعْزَى إِلَى الطيب، وَإِلَى الدَّوَاءِ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ كَمَا قَالَ: فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ [1] ، أَكَّدَ بِقَوْلِهِ: فَهُوَ يَشْفِينِ:
أَيِ الَّذِي هُوَ يَهْدِينِ وَيُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ هُوَ اللَّهُ لَا غَيْرُهُ.
وَلَمَّا كَانَتِ الْإِمَاتَةُ بَعْدَ الْبَعْثِ، لَا يُمْكِنُ إِسْنَادُهَا إِلَّا إِلَى اللَّهِ، لَمْ يَحْتَجْ إِلَى تَوْكِيدٍ وَدَعْوَى نُمْرُوذَ الْإِمَاتَةَ وَالْإِحْيَاءَ هِيَ مِنْهُ عَلَى سَبِيلِ الْمَخْرَفَةِ وَالْقِحَةِ، وَكَذَلِكَ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى تَأْكِيدٍ فِي: وَالَّذِي أَطْمَعُ. وَأَثْبَتَ ابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ يَاءَ الْمُتَكَلِّمِ فِي يَهْدِينِي وَمَا بَعْدَهُ، وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ نَافِعٍ. وَالطَّمَعُ عِبَارَةٌ عَنِ الرَّجَاءِ، وَإِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ جَازِمًا بِالْمَغْفِرَةِ.
فَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: لَمْ يَجْزِمِ الْقَوْلَ بِالْمَغْفِرَةِ، وَفِيهِ تَعْلِيمٌ لِأُمَمِهِمْ، وَلِيَكُونَ لُطْفًا بِهِمْ فِي اجْتِنَابِ الْمَعَاصِي وَالْحَذَرِ مِنْهَا، وَطَلَبِ الْمَغْفِرَةِ مِمَّا يَفْرُطُ مِنْهُمْ. انْتَهَى. وَرَدَّهُ الرَّازِيُّ قَالَ:
لِأَنَّ حَاصِلَهُ يَرْجِعُ إِلَى أَنَّهُ، وَنَطَقَ بِكَلِمَةٍ لَا أَذْكُرُهَا، وَبَعْدَهَا عَلَى نَفْسِهِ لِأَجْلِ تَعْلِيمِ الْأُمَّةِ، وَهُوَ بَاطِلٌ قَطْعًا. وَقَالَ الْجُبَّائِيُّ: أَرَادَ بِهِ سَائِرَ الْمُؤْمِنِينَ، لِأَنَّهُمُ الَّذِينَ يَطْمَعُونَ وَلَا يَقْطَعُونَ.
وَرَدَّهُ الرَّازِيُّ بِأَنْ جَعَلَ كَلَامَ الْوَاحِدِ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ، مِمَّا يُبْطِلُ نَظْمَ الْكَلَامِ. وَقَالَ الْحَسَنُ:
الْمُرَادُ بِالطَّمَعِ الْيَقِينُ. وَقَالَ الرَّازِيُّ: لَا يَسْتَقِيمُ هَذَا إِلَّا عَلَى مَذْهَبِنَا، حَيْثُ قُلْنَا: إِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى اللَّهِ شَيْءٌ، وَإِنَّهُ يَحْسُنُ مِنْهُ كُلُّ شَيْءٍ، وَلَا اعْتِرَاضَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ فِي فِعْلِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: أَوْقَفَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ نَفْسَهُ عَلَى الطَّمَعِ فِي الْمَغْفِرَةِ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى شِدَّةِ خَوْفِهِ مَعَ مَنْزِلَتِهِ وَخَلَّتِهِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: خَطِيئَتِي عَلَى الْإِفْرَادِ، وَالْحَسَنُ: خَطَايَايَ عَلَى الْجَمْعِ، وَذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ إِلَى أَنَّهَا قَوْلُهُ: إِنِّي سَقِيمٌ [2] ، وبَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ [3] ، وهي أُخْتِي فِي سَارَّةَ.
وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: أَرَادَ بِالْخَطِيئَةِ اسْمَ الْجِنْسِ، قَدَّرَهَا فِي كُلِّ أَمْرِهِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ:
وَهَذَا أَظْهَرُ عِنْدِي، لِأَنَّ تِلْكَ الثَّلَاثَ قَدْ خَرَّجَهَا كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْمَعَارِيضِ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: الْمُرَادُ مَا يَنْدُرُ مِنْهُ فِي بَعْضِ الصَّغَائِرِ، لِأَنَّ الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَعْصُومُونَ مُخْتَارُونَ عَلَى الْعَالَمِينَ، وَهِيَ قَوْلُهُ وَذَكَرَ الثَّلَاثَةَ ثُمَّ قَالَ وَمَا هِيَ إِلَّا مَعَارِيضُ، كَلَامٌ وَتَخَيُّلَاتٌ لِلْكَفَرَةِ، وَلَيْسَتْ بِخَطَايَا يُطْلَبُ لَهَا الِاسْتِغْفَارُ. فَإِنْ قُلْتَ: إِذَا لَمْ يندر منهم

[1] سورة النحل: 16/ 69.
[2] سورة الصافات: 39/ 87.
[3] سورة الأنبياء: 21/ 63.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 166
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست