responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 155
قُلْتُ: هُوَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، بِمَا خَوَّلَهُمْ مِنَ التَّوْفِيقِ وَإِيمَانِهِمْ، أَوْ بِمَا عَايَنُوا مِنَ الْمُعْجِزَةِ الْبَاهِرَةِ، وَلَكَ أَنْ لَا تُقَدِّرَ فَاعِلًا، لِأَنَّ أَلْقَوْا بِمَعْنَى خَرُّوا وَسَقَطُوا. انْتَهَى. وَهَذَا الْقَوْلُ الْآخَرُ لَيْسَ بِشَيْءٍ. لَا يُمْكِنُ أَنْ يُبْنَى الْفِعْلُ لِلْمَفْعُولِ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ إِلَّا وَقَدْ حُذِفَ الْفَاعِلُ فَنَابَ ذَلِكَ عَنْهُ، أَمَّا أَنَّهُ لَا يُقَدَّرُ فَاعِلٌ، فَقَوْلٌ ذَاهِبٌ عَنِ الصَّوَابِ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: قَرَأَ الْبَزِّيُّ، وَابْنُ فُلَيْحٍ، عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ: بِشَدِّ التَّاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَشَدِّ الْقَافِ، وَيَلْزَمُ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ إِذَا ابْتَدَأَ أَنْ يَحْذِفَ هَمْزَةَ الْوَصْلِ، وَهَمْزَةُ الْوَصْلِ لَا تَدْخُلُ عَلَى الْأَفْعَالِ الْمُضَارَعَةِ، كَمَا لَا تَدْخُلُ عَلَى أَسْمَاءِ الْفَاعِلِينَ. انْتَهَى. كَأَنَّهُ يُخَيَّلُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِابْتِدَاءُ بِالْكَلِمَةِ إِلَّا بِاجْتِلَابِ هَمْزَةِ الْوَصْلِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِلَازِمٍ كَثِيرًا مَا يَكُونُ الْوَصْلُ مُخَالِفًا لِلْوَقْفِ، وَالْوَقْفُ مُخَالِفًا لِلْوَصْلِ، وَمَنْ لَهُ تَمَرُّنٌ في القراآت عَرَفَ ذَلِكَ.
قالُوا: لَا ضَيْرَ: أَيْ لَا ضَرَرَ عَلَيْنَا فِي وُقُوعِ مَا وَعَدْتَنَا بِهِ مِنْ قَطْعِ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلِ وَالتَّصْلِيبِ، بَلْ لَنَا فِيهِ الْمَنْفَعَةُ التَّامَّةُ بِالصَّبْرِ عَلَيْهِ. يُقَالُ: ضَارَهُ يَضِيرُهُ ضَيْرًا، وَضَارَهُ يَضُورُهُ ضَوْرًا. إِنَّا إِلى رَبِّنا: أَيْ إِلَى عَظِيمِ ثَوَابِهِ، أَوْ: لَا ضَيْرَ عَلَيْنَا، إِذِ انْقِلَابُنَا إِلَى اللَّهِ بِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الْمَوْتِ وَالْقَتْلُ أَهْوَنُ أَسْبَابِهِ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ: لَمَّا آمَنُوا بِأَجْمَعِهِمْ، لَمْ يَأْمَنْ فِرْعَوْنُ أَنْ يَقُولَ قَوْمُهُ لَمْ تُؤْمِنِ السَّحَرَةُ عَلَى كَثْرَتِهِمْ إِلَّا عَنْ مَعْرِفَةٍ بِصِحَّةِ أَمْرِ مُوسَى فَيُؤْمِنُونَ، فَبَالَغَ فِي التَّنْفِيرِ مِنْ جِهَةِ قَوْلِهِ: آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ مُوهِمًا أَنَّ مُسَارَعَتَهُمْ لِلْإِيمَانِ دَلِيلٌ عَلَى مَيْلِهِمْ إِلَيْهِ قَبْلُ. وَبِقَوْلِهِ: إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ، صَرَّحَ بِمَا رَمَزَهُ أَوَّلًا مِنْ مُوَاطَأَتِهِمْ وَتَقْصِيرِهِمْ لِيَظْهَرَ أَمْرُ كَبِيرِهِمْ، وَبِقَوْلِهِ: فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ، حَيْثُ أَوْعَدَهُمْ وَعِيدًا مُطْلَقًا، وَبِتَصْرِيحِهِ بِمَا هَدَّدَهُمْ بِهِ مِنَ الْعَذَابِ، فَأَجَابُوا بِأَنَّ ذَلِكَ إِنْ وَقَعَ، لَنْ يُضِيرَ، وَفِي قولهم: إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ، نُكْتَةٌ شَرِيفَةٌ، وَهُوَ أَنَّهُمْ آمَنُوا لَا رَغْبَةً وَلَا رَهْبَةً، إِنَّمَا قَصَدُوا مَحْضَ الْوُصُولِ إِلَى مِرْضَاتِ اللَّهِ وَالِاسْتِغْرَاقِ فِي أَنْوَارِ مَعْرِفَتِهِ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.
وَيَدْفَعُ هَذَا الْأَخِيرَ قَوْلُهُمْ: إِنَّا نَطْمَعُ إِلَى آخِرِهِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا من خَوْفِ تَبِعَاتِ الْخَطَايَا. وَالظَّاهِرُ بَقَاءُ الطَّمَعِ عَلَى بَابِهِ كَقَوْلِهِ: وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنا رَبُّنا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ [1] . وَقِيلَ: يُحْتَمَلُ الْيَقِينُ. قِيلَ: كَقَوْلِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَالَّذِي أَطْمَعُ [2] .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: أَنْ كُنَّا، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَفِيهِ الْجَزْمُ بِإِيمَانِهِمْ. وَقَرَأَ أَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ، وَأَبُو مُعَاذٍ: إِنْ كُنَّا، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ. قَالَ صَاحِبُ اللَّوَامِحِ عَلَى الشَّرْطِ: وَجَازَ حَذْفُ

[1] سورة المائدة: 5/ 84.
[2] سورة الشعراء: 26/ 82.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 155
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست