responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 142
أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ قُلْتُ: دَلَّ كُلِّ عَلَى الْإِحَاطَةِ بِأَزْوَاجِ النَّبَاتِ عَلَى سَبِيلِ التَّفْصِيلِ، وكم عَلَى أَنَّ هَذَا الْمُحِيطَ مُتَكَاثِرٌ مُفْرِطُ الْكَثْرَةِ، فَهَذَا مَعْنَى الْجَمْعِ، وَبِهِ نَبَّهَ عَلَى كَمَالِ قُدْرَتِهِ. انْتَهَى.
وَأَفْرَدَ لَآيَةً، وَإِنْ كَانَ قَدْ سَبَقَ مَا دَلَّ عَلَى الْكَثْرَةِ فِي الْأَزْوَاجِ، وَهُوَ كَمْ، وَعَلَى الْإِحَاطَةِ بِالْعُمُومِ فِي الْأَزْوَاجِ، لِأَنَّ الْمُشَارَ إِلَيْهِ وَاحِدٌ، وَهُوَ الْإِنْبَاتُ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ مُتَعَلَّقَاتُهُ، أَوْ أُرِيدَ أَنَّ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ تِلْكَ الْأَزْوَاجِ لَآيَةً. وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ: تَسْجِيلٌ عَلَى أَكْثَرِهِمْ بِالْكُفْرِ. وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ: أَيِ الْغَالِبُ الْقَاهِرُ. وَلَمَّا كَانَ الْمَوْضِعُ مَوْضِعَ بَيَانِ الْقُدْرَةِ، قَدَّمَ صِفَةَ الْعِزَّةِ عَلَى صِفَةِ الرَّحْمَةِ. فَالرَّحْمَةُ إِذَا كَانَتْ عَنْ قُدْرَةٍ، كَانَتْ أَعْظَمَ وَقْعًا، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ عَزَّ فِي نِقْمَتِهِ مِنَ الْكُفَّارِ وَرَحِمَ مُؤْمِنِي كُلِّ أُمَّةٍ. وَلَمَّا ذَكَرَ تَكْذِيبَ قُرَيْشٍ بِمَا جَاءَهُمْ مِنَ الْحَقِّ وَإِعْرَاضَهُمْ عَنْهُ، ذَكَرَ قِصَّةَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَمَا قَاسَى مَعَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ، لِيَكُونَ ذَلِكَ مَسْلَاةً لِمَا كَانَ يَلْقَاهُ عَلَيْهِ لصلاة وَالسَّلَامُ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ. إذ، كَانَتْ قُرَيْشٌ قَدِ اتَّخَذَتْ آلِهَةً مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَكَانَ قَوْمُ فِرْعَوْنَ قَدِ اتَّخَذُوهُ إِلَهًا، وَكَانَ أَتْبَاعُ مِلَّةِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ هُمُ الْمُجَاوِرُونَ مَنْ آمَنَ بِالرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، بَدَأَ بِقِصَّةِ مُوسَى، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مَا يَأْتِي ذِكْرُهُ مِنَ الْقَصَصِ. وَالْعَامِلُ فِي إِذْ، قَالَ الزُّجَاجُ، اتْلُ مُضْمَرَةٌ، أَيِ اتْلُ هَذِهِ الْقِصَّةَ فِيمَا يَتْلُو إِذْ نَادَى، وَدَلِيلُ ذَلِكَ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْراهِيمَ [1] إِذْ. وَقِيلَ: الْعَامِلُ اذْكُرْ، وَهُوَ مِثْلُ وَاتْلُ، وَمَعْنَى نَادَى: دَعَا. وَقِيلَ: أَمْرٌ. وَأَنْ: يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَصْدَرِيَّةً، وَأَنْ تَكُونَ تَفْسِيرِيَّةً، وَسَجَّلَ عَلَيْهِمْ بِالظُّلْمِ، لِظُلْمِ أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ، وَظُلْمِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِالِاسْتِعْبَادِ، وَذَبْحِ الأولاد، وقَوْمَ فِرْعَوْنَ، وقيل: بَدَلٌ مِنْ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ، وَالْأَجْوَدُ أَنْ يَكُونَ عَطْفَ بَيَانٍ لِأَنَّهُمَا عِبَارَتَانِ يَعْتَقِبَانِ عَلَى مَدْلُولٍ وَاحِدٍ، إِذْ كُلُّ وَاحِدٍ عَطَفَ الْبَيَانَ، وَسَوَّغَهُ مُسْتَقِلٌّ بِالْإِسْنَادِ. وَلَمَّا كَانَ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ يُوهِمُ الِاشْتِرَاكَ، أَتَى عَطْفُ الْبَيَانِ بِإِزَالَتِهِ، إِذْ هُوَ أَشْهَرُ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: أَلَا يَتَّقُونَ، بِالْيَاءِ عَلَى الْغَيْبَةِ. وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مسلم بْنِ يَسَارٍ، وَشَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَأَبُو قِلَابَةَ: بِتَاءِ الْخِطَابِ، عَلَى طَرِيقَةِ الِالْتِفَاتِ إِلَيْهِمْ إِنْكَارًا وَغَضَبًا عَلَيْهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا حَاضِرِينَ، لِأَنَّهُ مُبَلِّغُهُمْ ذَلِكَ وَمُكَافِحُهُمْ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: مَعْنَاهُ قُلْ لَهُمْ، فَجَمَعَ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ مِنَ الْمَعَانِي نَفْيَ التَّقْوَى عَنْهُمْ وَأَمْرَهُمْ بِالتَّقْوَى.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإِنْ قُلْتَ: بِمَ تَعَلَّقَ قَوْلُهُ: أَلا يَتَّقُونَ؟ قُلْتُ: هُوَ كَلَامٌ مستأنف

[1] سورة الشعراء: آية 26/ 69.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 142
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست