responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 495
فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ عَطِيَّةَ فِي أَنْ تَأْسَفَ وَتَحْزَنَ عَلَى أَمْرٍ أَرَادَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَأَمْضَاهُ، وَعَلِمَ الْمَصْلَحَةَ فيه.
وقال أيضا: ومِنَ الْجاهِلِينَ يُحْتَمَلُ فِي أَنْ لَا تَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى وَيُحْتَمَلُ فِي أَنْ تَهْتَمَّ بِوُجُودِ كُفْرِهِمُ الَّذِي قَدَّرَهُ اللَّهُ وَأَرَادَهُ، وَتَذْهَبَ بِكَ نَفْسُكَ إِلَى مَا لَمْ يُقَدِّرِ اللَّهُ، انْتَهَى. وَضُعِّفَ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ كَمَالِ ذَاتِهِ وَتَوَفُّرِ مَعْلُومَاتِهِ وَعَظِيمِ اطِّلَاعِهِ عَلَى مَا يَلِيقُ بِقُدْرَةِ الْحَقِّ جَلَّ جَلَالُهُ، وَاسْتِيلَائِهِ عَلَى جَمِيعِ مَقْدُورَاتِهِ، لَا يَنْبَغِي أَنْ يُوصَفَ بِأَنَّهُ جَاهِلٌ بِأَنَّهُ تَعَالَى لَوْ شَاءَ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى، لِأَنَّ هَذَا مِنْ قَبِيلِ الدِّينِ وَالْعَقَائِدِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَاهِلًا بِهَا، وَكَأَنَّ الزَّمَخْشَرِيَّ قَدْ فَسَّرَ قَوْلَهُ: وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى بِأَنْ تَأْتِيَهُمْ آيَةٌ ملجئة، ولكنه لا يفعل لِخُرُوجِهِ عَنِ الْحِكْمَةِ فَقَالَ فِي قَوْلِهِ: فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ مِنَ الَّذِينَ يَجْهَلُونَ ذَلِكَ وَيَرُومُونَ مَا هُوَ خِلَافُهُ.
وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى الْإِتْيَانِ بِالْآيَةِ الْمُلْجِئَةِ إِلَى الْإِيمَانِ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي الْإِلْجَاءِ.
وَقِيلَ: لَا تَجْهَلْ أَنَّهُ يُؤْمِنُ بِكَ بَعْضُهُمْ وَيَكْفُرُ بَعْضُهُمْ، وَضُعِّفَ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِمَّا يَجْهَلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقِيلَ لَا تَكُونَنَّ مِمَّنْ لَا صَبْرَ لَهُ لِأَنَّ قِلَّةَ الصَّبْرِ مِنْ أَخْلَاقِ الْجَاهِلِينَ، وَضُعِّفَ بِأَنَّهُ تَعَالَى قَدْ أَمَرَهُ بِالصَّبْرِ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ وَمَعَ أَمْرِ اللَّهِ لَهُ بِالصَّبْرِ وَبَيَانِ أَنَّهُ خَيْرٌ يَبْعُدُ أَنْ يُوصَفَ بَعْدَ صَبْرِهِ بِقِلَّةِ الصَّبْرِ.
وَقِيلَ: لَا يَشْتَدُّ حُزْنُكَ لِأَجْلِ كُفْرِهِمْ فَتُقَارِبَ حَالَ الْجَاهِلِ بِأَحْكَامِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ، وَقَدْ صُرِّحَ بِهَذَا فِي قَوْلِهِ: فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ [1] وَقَالَ قَوْمٌ: جَازَ هَذَا الْخِطَابُ لِأَنَّهُ لِقُرْبِهِ مِنَ اللَّهِ وَمَكَانَتِهِ عِنْدَهُ كَانَ ذَلِكَ حَمْلًا عَلَيْهِ كَمَا يَحْمِلُ الْعَاقِلُ عَلَى قَرِيبِهِ فَوْقَ مَا يَحْمِلُهُ عَلَى الْأَجَانِبِ، خَشْيَةً عَلَيْهِ مِنْ تَخْصِيصِ الْإِذْلَالِ.
وَقَالَ مَكِّيٌّ وَالْمَهْدَوِيُّ: الْخِطَابُ لَهُ وَالْمُرَادُ بِهِ أُمَّتُهُ، وَتَمَّمَ هَذَا الْقَوْلَ بِأَنَّهُ كَانَ يُحْزِنُهُ إِصْرَارُ بَعْضِهِمْ عَلَى الْكُفْرِ وَحِرْمَانُهُمْ ثَمَرَاتِ الْإِيمَانِ.
قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذَا ضَعِيفٌ لَا يَقْتَضِيهِ اللَّفْظُ انْتَهَى.
وَقِيلَ: الرَّسُولُ مَعْصُومٌ مِنَ الْجَهْلِ وَالشَّكِّ بِلَا خِلَافٍ، وَلَكِنَّ الْعِصْمَةَ لَا تَمْنَعُ

[1] سورة فاطر: 35/ 80.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 495
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست