responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 408
فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ سَاحِرٌ بِالْأَلِفِ هُنَا. وَفِي هُودٍ وَالصَّفِّ فَهَذَا هُنَا إِشَارَةٌ إِلَى عِيسَى. وَقَرَأَ بَاقِي السَّبْعَةِ سِحْرٌ فَهَذَا إِشَارَةٌ إِلَى مَا جَاءَ بِهِ عِيسَى مِنَ الْبَيِّنَاتِ.
وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي أَيْ أَوْحَيْتُ إِلَيْهِمْ عَلَى أَلْسِنَةِ الرُّسُلِ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ وَحْيَ إِلْهَامٍ أَوْ وَحْيَ أَمْرٍ وَالرَّسُولُ هُنَا هُوَ عِيسَى وَهَذَا الْإِيحَاءُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ هُوَ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ عَلَى عِيسَى بِأَنْ جَعَلَ لَهُ أَتْبَاعًا يُصَدِّقُونَهُ وَيَعْمَلُونَ بِمَا جَاءَ بِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ تَفْسِيرِيَّةً لِأَنَّهُ تَقَدَّمَهَا جُمْلَةٌ فِي مَعْنَى الْقَوْلِ وَأَنْ تَكُونَ مَصْدَرِيَّةً.
قالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنا مُسْلِمُونَ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ نَظِيرِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ فِي آلِ عِمْرَانَ إِلَّا أَنَّ هُنَاكَ آمَنَّا بِاللَّهِ [1] لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ ذِكْرُ اللَّهِ فَقَطْ فِي قَوْلِهِ: مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ [2] وَهُنَا جَاءَ قالُوا آمَنَّا فَلَمْ يَتَقَيَّدْ بِلَفْظِ الْجَلَالَةِ إِذْ قَدْ تَقَدَّمَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي وَجَاءَ هُنَاكَ وَاشْهَدْ بِأَنَّا، وَهُنَا وَاشْهَدْ بِأَنَّنا. وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ إِذْ أَنَّ مَحْذُوفٌ مِنْهُ النُّونُ لِاجْتِمَاعِ الْأَمْثَالِ.
إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ قالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ اعْتِرَاضٌ لِمَا وَصَفَ حَالَ قَوْمِ اللَّهِ لِعِيسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَتَضَمَّنَ الِاعْتِرَاضُ إِخْبَارَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمَّتِهِ بِنَازِلَةِ الْحَوَارِيِّينَ فِي الْمَائِدَةِ إِذْ هِيَ مِثَالٌ نَافِعٌ لِكُلِّ أُمَّةٍ مَعَ نَبِيِّهَا انْتَهَى. وَالَّذِي يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ اللَّفْظِ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: إِذْ قالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ إِلَى آخِرِ قِصَّةِ الْمَائِدَةِ كَانَ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا ذَكَّرَ عِيسَى بِنِعَمِهِ وَبِمَا أَجْرَاهُ عَلَى يَدَيْهِ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ وَبِاخْتِلَافِ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَيْهِ وَانْقِسَامِهِمْ إِلَى كَافِرٍ وَمُؤْمِنٍ وَهُمُ الْحَوَارِيُّونَ ثُمَّ اسْتَطْرَدَ إِلَى قِصَّةِ الْمَائِدَةِ ثُمَّ إِلَى سُؤَالِهِ تَعَالَى لِعِيسَى أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ، وَإِنَّمَا حَمَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ كَوْنُهُ اعتقد أن إِذْ بدلا مِنْ يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ وَأَنَّ فِي آخِرِ الْآيَاتِ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ وَلَا يَتَعَيَّنُ هَذَا الْمَحْمَلُ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ: هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ بَلِ الظَّاهِرُ مَا ذَكَرْنَاهُ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ بِالْيَاءِ وَضَمِّ الْبَاءِ.
وَهَذَا اللَّفْظُ يَقْتَضِي ظَاهِرُهُ الشَّكَّ فِي قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى أَنْ يُنْزِلَ مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ، وَذَلِكَ هُوَ الَّذِي حَمَلَ الزَّمَخْشَرِيَّ عَلَى أَنَّ الْحَوَارِيِّينَ لَمْ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ قَالَ: (فَإِنْ قُلْتَ) : كَيْفَ قَالُوا

[1] سورة البقرة: 2/ 8.
[2] سورة الصف: 61/ 14.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 408
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست