responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 407
الطَّائِرِ، بَلِ الْهَيْئَةَ الَّتِي تَكُونُ الْكَافُ صِفَةً لَهَا وَيَكُونُ التَّقْدِيرُ، وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ هَيْئَةً مِثْلَ هَيْئَةِ الطَّيْرِ، فَتَنْفُخُ فِيها أَيْ فِي الْهَيْئَةِ الْمَوْصُوفَةِ بِالْكَافِ الْمَنْسُوبِ خَلْقِهَا إِلَى عِيسَى، وَأَمَّا قَوْلُ مَكِّيٍّ وَيَصِحُّ عَكْسُ هَذَا، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ الْمُذَكَّرُ عَائِدًا عَلَى الْهَيْئَةِ وَالضَّمِيرُ الْمُؤَنَّثُ عَائِدًا عَلَى الطَّائِرِ فَيُمْكِنُ تَخْرِيجُهُ عَلَى أَنَّهُ ذُكِّرَ الضَّمِيرِ وَإِنْ كَانَ عَائِدًا عَلَى مُؤَنَّثٍ لِأَنَّهُ لُحِظَ فِيهَا مَعْنَى الشَّكْلِ كَأَنَّهُ قَدَّرَ هَيْئَةً كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِقَوْلِهِ شَكْلًا كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ وَأَنَّهُ أَنَّثَ الضَّمِيرِ وَإِنْ كَانَ عَائِدًا عَلَى مُذَكَّرٍ لِأَنَّهُ لُحِظَ فِيهِ مَعْنَى الْهَيْئَةِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ وَالْوَجْهُ عَوْدُ ضَمِيرِ الْمُؤَنَّثِ عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ الْآيَةُ ضَرُورَةً، أَيْ صُوَرًا أَوْ أَشْكَالًا أَوْ أَجْسَامًا، وَعَوْدُ الضَّمِيرِ الْمُذَكَّرِ عَلَى الْمَخْلُوقِ الَّذِي يَقْتَضِيهِ تَخْلُقُ ثُمَّ قَالَ وَلَكَ أَنْ تُعِيدَهُ عَلَى مَا تَدُلُّ عَلَيْهِ الْكَافُ فِي مَعْنَى الْمِثْلِ، لِأَنَّ الْمَعْنَى وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ مِثْلَ هَيْئَةٍ وَلَكَ أَنْ تُعِيدَ الضَّمِيرَ عَلَى الْكَافِ نَفْسِهِ فَيَكُونُ اسْمًا فِي غَيْرِ الشِّعْرِ، فَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْحَسَنِ وَحْدَهُ مِنَ الْبَصْرِيِّينَ وَكَذَا قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ، إِنَّ الضَّمِيرَ فِي فِيها لِلْكَافِ قَالَ لِأَنَّهَا صِفَةُ الْهَيْئَةِ الَّتِي كَانَ يَخْلُقُهَا عِيسَى وَيَنْفُخُ فِيهَا وَجَاءَ فِي آلِ عِمْرَانَ بِإِذْنِ اللَّهِ [1] مَرَّتَيْنِ وَجَاءَ هُنَا بِإِذْنِي أَرْبَعَ مَرَّاتٍ عَقِيبَ أَرْبَعِ جُمَلٍ لِأَنَّ هَذَا مَوْضِعُ ذِكْرِ النِّعْمَةِ وَالِامْتِنَانِ بِهَا فَنَاسَبَ الْإِسْهَابَ وَهُنَاكَ مَوْضِعُ إِخْبَارٍ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ فَنَاسَبَ الْإِيجَازَ وَالتَّقْدِيرُ فِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى تُحْيِي الْمَوْتَى فَعَبَّرَ بِالْإِخْرَاجِ عَنِ الْإِحْيَاءِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى كَذلِكَ الْخُرُوجُ [2] بَعْدَ قَوْلِهِ وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً [3] أَوْ يَكُونُ التَّقْدِيرُ وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى مِنْ قُبُورِهِمْ أَحْيَاءً.
وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّناتِ أَيْ مَنَعْتُهُمْ مِنْ قَتْلِكَ حِينَ هَمُّوا بِكَ وَأَحَاطُوا بِالْبَيْتِ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ. وَقَالَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ لَمَّا قَالَ اللَّهُ لِعِيسَى اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ كَانَ يَلْبَسُ الشَّعْرَ وَيَأْكُلُ الشَّجَرَ وَلَا يُؤَخِّرُ شَيْئًا لِغَدْوٍ يَقُولُ مَعَ كُلِّ يَوْمٍ رِزْقُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيْتٌ فَيُخَرَّبَ وَلَا وَلَدٌ فَيَمُوتَ، أَيْنَ مَا أَمْسَى بَاتَ. وَهَذَا الْقَوْلُ يَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّ عِيسَى خُوطِبَ بِذَلِكَ قَبْلَ الرَّفْعِ وَالْبَيِّنَاتُ هُنَا هِيَ الْمُعْجِزَاتُ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا وَظَهَرَتْ عَلَى يَدَيْهِ. وَلَمَّا فَصَّلَ تَعَالَى نِعْمَتَهُ ذَكَرَ ذَلِكَ مَنْسُوبًا لِعِيسَى دُونَ أُمِّهِ لِأَنَّ مِنْ هَذِهِ النِّعَمِ نِعْمَةَ النُّبُوَّةِ وَظُهُورَ هَذِهِ الْخَوَارِقِ فَنِعْمَتُهُ عَلَيْهِ أَعْظَمُ مِنْهَا عَلَى أُمِّهِ إِذْ وَلَدَتْ مِثْلَ هَذَا النَّبِيِّ الْكَرِيمِ. وَقَالَ الشَّاعِرُ فِيمَا يُشْبِهُ هَذَا:
شَهِدَ الْعَوَالِمُ أَنَّهَا لَنَفِيسَةٌ ... بِدَلِيلِ مَا وَلَدَتْ مِنَ النجباء

[1] سورة آل عمران: 3/ 49.
[2] سورة ق: 50/ 11.
[3] سورة ق: 50/ 11.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 407
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست