responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 296
ضَمِيرٌ عَائِدٌ عَلَى اللَّهِ، وَهُوَ تَقْدِيرُهُ بِنَصْرِهِ وَإِظْهَارِ دِينِهِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا خِلَافَ فِي الْجَوَازِ. وَإِنَّمَا مَنَعُوا حَيْثُ لَا يَكُونُ رَابِطٌ وَانْتِصَابُ جَهْدَ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ، وَالْمَعْنَى:
أَهَؤُلَاءِ هُمُ الْمُقْسِمُونَ بِاجْتِهَادٍ مِنْهُمْ فِي الْأَيْمَانِ أَنَّهُمْ مَعَكُمْ؟ ثُمَّ ظَهَرَ الْآنَ مِنْ مُوَالَاتِهِمُ الْيَهُودَ مَا أَكْذَبَهُمْ فِي أَيْمَانِهِمْ. وَيَجُوزُ أَنْ يَنْتَصِبَ عَلَى الْحَالِ، كَمَا جَوَّزُوا فِي فَعَلْتَهُ جَهْدَكَ وَقَوْلُهُ: إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ، حِكَايَةٌ لِمَعْنَى الْقَسَمِ لَا لِلَفْظِهِمْ، إِذْ لَوْ كَانَ لَفْظُهُمْ لَكَانَ إِنَّا لَمَعَكُمْ.
حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَقُولُهُ الْمُؤْمِنُونَ اعْتِمَادًا فِي الْإِخْبَارِ عَلَى مَا حَصَلَ فِي اعْتِقَادِهِمْ أَيْ: بَطَلَتْ أَعْمَالُهُمْ إِنْ كانوا يتكفلونها فِي رَأَيِ الْعَيْنِ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَفِيهِ مَعْنَى التَّعَجُّبِ كَأَنَّهُ قِيلَ: مَا أَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ فَمَا أَخْسَرَهُمْ! وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إِخْبَارًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَكُونَ خَبَرًا بَلْ دُعَاءً إِمَّا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِمَّا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. وَحَبْطُ الْعَمَلِ هُنَا هُوَ عَلَى مَعْنَى التَّشْبِيهِ، وَإِلَّا فَلَا عَمَلَ لَهُ فِي الْحَقِيقَةِ فَيُحْبَطُ وَجُوَّزَ الْحَوْفِيُّ أَنْ يَكُونَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ خَبَرًا ثَانِيًا عَنْ هَؤُلَاءِ، وَالْخَبَرُ الْأَوَّلُ هُوَ قَوْلُهُ الَّذِينَ أَقْسَمُوا، وَأَنْ يَكُونَ الَّذِينَ، صِفَةً لِهَؤُلَاءِ، وَيَكُونَ حَبِطَتْ هُوَ الْخَبَرُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ قِرَاءَةِ أَبِي وَاقِدٍ وَالْجَرَّاحِ حَبَطَتْ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَأَنَّهَا لُغَةٌ.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ وَابْنُ كَعْبٍ وَالضَّحَّاكِ وَالْحَسَنِ وَقَتَادَةُ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَغَيْرُهُمْ: نَزَلَتْ خِطَابًا لِلْمُؤْمِنِينَ عَامَّةً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَمَنْ يَرْتَدَّ جُمْلَةٌ شَرْطِيَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، وَهِيَ إِخْبَارٌ عَنِ الْغَيْبِ.
وَتَعَرَّضَ الْمُفَسِّرُونَ هُنَا لِمَنِ ارْتَدَّ فِي قِصَّةٍ طَوِيلَةٍ نَخْتَصِرُهَا، فَنَقُولُ: ارْتَدَّ فِي زَمَانِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَذْحِجٌ وَرَئِيسُهُمْ عَبْهَلَةُ بْنُ كَعْبٍ ذُو الْخِمَارِ، وَهُوَ الْأَسْوَدُ الْعَنْسِيُّ قَتَلَهُ فَيْرُوزٌ عَلَى فِرَاشِهِ، وَأَخْبَرَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِهِ، وَسَمَّى قَاتِلَهُ لَيْلَةَ قُتِلَ. وَمَاتَ رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْغَدِ، وَأَتَى خَبَرُ قَتْلِهِ فِي آخِرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَبَنُو حَنِيفَةَ رَئِيسُهُمْ مُسَيْلِمَةُ قَتَلَهُ وَحْشِيٌّ، وَبَنُو أَسَدٍ رَئِيسُهُمْ طُلَيْحَةُ بْنُ خُوَيْلِدٍ هَزَمَهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَأَفْلَتَ ثُمَّ أَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ. هَذِهِ ثَلَاثُ فِرَقٍ ارْتَدَّتْ فِي حَيَاةِ الرَّسُولِ صَلَّى الله عليه وسلم، وَتَنَبَّأَ رُؤَسَاؤُهُمْ. وَارْتَدَّ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَبْعُ فِرَقٍ. فَزَارَةُ قَوْمُ عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ، وَغَطَفَانُ قَوْمُ قُرَّةَ بْنِ سَلَمَةَ الْقُشَيْرِيِّ، وَسُلَيْمٌ قوم الفجاه بن عبد يا ليل، وَيَرْبُوعٌ قَوْمُ مَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ، وَبَعْضُ تَمِيمٍ قَوْمُ سَجَاحِ بِنْتِ الْمُنْذِرِ وَقَدْ تَنَبَّأَتْ وَتَزَوَّجَهَا مُسَيْلِمَةُ وَقَالَ: الشَّاعِرُ:
أَضْحَتْ نَبِيَّتُنَا أُنْثَى نَطِيفُ بِهَا ... وَأَصْبَحَتْ أَنْبِيَاءُ اللَّهِ ذُكْرَانَا

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 296
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست