responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 295
الْمُؤْمِنِينَ، وَقَدْ عَلِمَ كُلُّ مُؤْمِنٍ أَنَّهُ كَاذِبٌ فِي ذَلِكَ، فَكَانَ فِعْلُهُ ذَلِكَ موطنا أَنْ يَقُولَ الْمُؤْمِنُونَ ذَلِكَ. وَأَمَّا قِرَاءَةُ وَيَقُولَ بِالنَّصْبِ، فَوُجِّهَتْ عَلَى أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ لَمْ يَكُنْ إِلَّا عِنْدَ الْفَتْحِ، وَأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَعْنَى، فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى أَنْ يَأْتِيَ، إِذْ مَعْنَى: فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ، مَعْنَى فَعَسَى أَنْ يَأْتِيَ اللَّهُ، وَهَذَا الَّذِي يُسَمِّيهِ النَّحْوِيُّونَ الْعَطْفُ عَلَى التَّوَهُّمِ، يَكُونُ الْكَلَامُ فِي قَالَبٍ فَيُقَدِّرُهُ فِي قَالَبٍ آخَرَ، إِذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يُعْطَفَ ضَمِيرُ اسْمِ اللَّهِ وَلَا شَيْءٌ مِنْهُ. وَأَجَازَ ذَلِكَ أَبُو الْبَقَاءِ عَلَى تَقْدِيرِ ضَمِيرٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ، أَيْ بِاللَّهِ. فَهَذَا الضَّمِيرُ يَصِحُّ بِهِ الرَّبْطُ، أَوْ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى أَنْ يَأْتِيَ عَلَى أَنْ يَكُونَ أَنْ يَأْتِيَ بَدَلًا مِنِ اسْمِ اللَّهِ لَا خَبَرًا، فَتَكُونُ عَسَى إِذْ ذَاكَ تَامَّةً لَا نَاقِصَةً، كَأَنَّكَ قُلْتَ: عَسَى أَنْ يَأْتِيَ، وَيَقُولَ: أَوْ مَعْطُوفٌ عَلَى فَيُصْبِحُوا، عَلَى أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: فَيُصْبِحُوا مَنْصُوبًا بِإِضْمَارِ أَنْ جَوَابًا لَعَسَى، إِذْ فِيهَا مَعْنَى التَّمَنِّي. وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ فِي هَذَا الْوَجْهِ نظر، أو هل هو تَجْرِي عَسَى فِي التَّرَجِّي مَجْرَى لَيْتَ فِي التَّمَنِّي؟ أَمْ لَا تَجْرِي؟ وَذَكَرَ هَذَا الْوَجْهَ ابْنُ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي يَعْلَى، وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنُ الْحَاجِبِ غَيْرَهُ. وَعَسَى مِنَ اللَّهِ وَاجِبَةٌ فَلَا تَرَجِّي فِيهَا، وَكِلَا الْوَجْهَيْنِ قَبْلَهُ تَخْرِيجُ أَبِي عَلِيٍّ. وَخَرَّجَهُ النَّحَّاسُ عَلَى أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى قوله:
بِالْفَتْحِ [1] بِأَنْ يَفْتَحَ، وَيَقُولَ: وَلَا يَصِحُّ هَذَا لِأَنَّهُ قَدْ فُصِلَ بَيْنَهُمَا بِقَوْلِهِ: أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ، وحقه أن يكون [2] بلعه لِأَنَّ الْمَصْدَرَ يَنْحَلُّ لِأَنْ وَالْفِعْلِ، فَالْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ مِنْ تَمَامِهِ، فَلَا يُفْصَلُ بَيْنَهُمَا. وَهَذَا إِنْ سُلِّمَ أَنَّ الْفَتْحَ مَصْدَرٌ، فَيَحِلُّ لِأَنْ وَالْفِعْلِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُرَادُ بِهِ ذَلِكَ، بَلْ هُوَ كَقَوْلِكَ: يُعْجِبُنِي مِنْ زَيْدٍ ذَكَاؤُهُ وَفَهْمُهُ، لَا يُرَادُ بِهِ انْحِلَالُهُ، لِأَنْ وَالْفِعْلِ وَعَلَى تَقْدِيرِ ذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ أَيْضًا، لِأَنَّ الْمَعْنَى لَيْسَ عَلَى: فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ، بِأَنْ يَقُولَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَا. وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ الْفَصْلُ بَيْنَ الْمُتَعَاطِفَيْنِ بِقَوْلِهِ: فَيُصْبِحُوا [3] وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ مِنَ الْمُتَعَاطِفَيْنِ، لِأَنَّ ظَاهِرَ فَيُصْبِحُوا أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى أَنْ يَأْتِيَ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُكَ: هِنْدٌ الْفَاسِقَةُ أَرَادَ زَيْدٌ إِذَايَتَهَا بِضَرْبٍ أَوْ حَبْسٍ وَإِصْبَاحَهَا ذَلِيلَةً، وَقَوْلِ أَصْحَابِهِ: أَهَذِهِ الْفَاسِقَةُ الَّتِي زَعَمْتَ أَنَّهَا عَفِيفَةٌ؟ فَيَكُونُ وَقَوْلِ مَعْطُوفًا عَلَى بِضَرْبٍ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: عِنْدِي فِي مَنْعِ جَوَازِ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَقُولَ الْمُؤْمِنُونَ نَظَرٌ، إِذِ الَّذِينَ نَصَرَهُمْ يَقُولُونَ: نَنْصُرُهُ بِإِظْهَارِ دِينِهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ ذَلِكَ انْتَهَى. وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ رَاجِعٌ إِلَى أَنْ يَصِيرَ سَبَبًا لِأَنَّهُ صَارَ فِي الْجُمْلَةِ

[1] سورة المائدة: 5/ 52.
[2] هكذا وجدت هذه الكلمة بالنسخ التي بأيدينا وكذا جميع النسخ المقابلة عليها هذه النسخة ولم نعرف لها معنى فلتحررا هـ. مصححة.
[3] سورة المائدة: 5/ 52.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 295
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست