responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 185
مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ [1] ثُمَّ قَالَ بَعْدُ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ [2] (قُلْتُ) :
إِطْلَاقُ لَفْظِ أَهْلِ الْكِتَابِ يَنْصَرِفُ إِلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى دُونَ الْمُسْلِمِينَ وَدُونَ سَائِرِ الْكُفَّارِ، وَلَا يُطْلَقُ عَلَى مُسْلِمٍ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، كَمَا لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ. فَأَمَّا الْآيَتَانِ فَأُطْلِقَ الِاسْمُ مُقَيَّدًا بِذِكْرِ الْإِيمَانِ فِيهِمَا، وَلَا يُوجَدُ مُطْلَقًا فِي الْقُرْآنِ بِغَيْرِ تَقْيِيدٍ، إِلَّا وَالْمُرَادُ بِهِمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ قَالَ: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ، فَانْتَظَمَ ذَلِكَ سَائِرَ الْمُؤْمِنَاتِ مِمَّنْ كُنَّ مُشْرِكَاتٍ أَوْ كِتَابِيَّاتٍ، فَوَجَبَ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ، عَلَى الْكِتَابِيَّاتِ اللَّاتِي لَمْ يُسْلِمْنَ وَإِلَّا زَالَتْ فَائِدَتُهُ، إِذْ قَدِ انْدَرَجْنَ فِي قَوْلِهِ: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ. وَأَيْضًا فَمَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ [3] أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ طَعَامَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، بَلِ الْمُرَادُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَكَذَلِكَ هَذِهِ الْآيَةُ.
(فَإِنْ قِيلَ) : يَتَعَلَّقُ فِي تَحْرِيمِ الْكِتَابِيَّاتِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ [4] (قِيلَ) : هَذَا فِي الْحَرْبِيَّةِ إِذَا خَرَجَ زَوْجُهَا مُسْلِمًا، أَوِ الْحَرْبِيُّ تَخْرُجُ امْرَأَتُهُ مُسْلِمَةً: أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ: وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْئَلُوا مَا أَنْفَقُوا [5] وَلَوْ سَلَّمْنَا الْعُمُومَ لَكَانَ مَخْصُوصًا بِقَوْلِهِ: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ، وَالظَّاهِرُ جَوَازُ نِكَاحِ الْحَرْبِيَّةِ الْكِتَابِيَّةِ لِانْدِرَاجِهَا فِي عُمُومِ. وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ.
وَخَصَّ ابْنُ عَبَّاسٍ هَذَا الْعُمُومَ بِالذِّمِّيَّةِ، فَأَجَازَ نِكَاحَ الذِّمِّيَّةِ دُونَ الْحَرْبِيَّةِ، وَتَلَا قَوْلَهُ تَعَالَى:
قاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ إِلَى قَوْلِهِ وَهُمْ صاغِرُونَ [6] وَلَمْ يُفَرِّقْ غَيْرُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنَ الْحَرْبِيَّاتِ وَالذِّمِّيَّاتِ. وَأَمَّا نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ فَمَنَعَ نِكَاحَ نِسَائِهِنَّ عَلِيٌّ وَإِبْرَاهِيمُ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَأَجَازَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ.
إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ أَيْ مُهُورَهُنَّ. وَانْتَزَعَ الْعُلَمَاءُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَدْخُلَ زَوْجٌ بِزَوْجَتِهِ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَبْذُلَ لَهَا مِنَ الْمَهْرِ مَا يَسْتَحِلُّهَا بِهِ، وَمَنْ جَوَّزَ أَنْ يَدْخُلَ دُونَ بَذْلِ ذَلِكَ رَأَى أَنَّهُ مُحْكَمُ الِالْتِزَامِ فِي حُكْمِ الْمُؤْتَى. وَفِي ظَاهِرِ قَوْلِهِ: إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ، دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ إِمَاءَ الْكِتَابِيَّاتِ لَسْنَ مُنْدَرِجَاتٍ فِي قَوْلِهِ: وَالْمُحْصَنَاتُ، فَيُقَوِّي أن

[1] سورة آل عمران: 3/ 113
[2] سورة آل عمران: 3/ 114
[3] سورة المائدة: 5/ 5.
[4] سورة الممتحنة: 60/ 10.
[5] سورة الممتحنة: 60/ 10.
[6] سورة التوبة: 29.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 185
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست