responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 184
وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ أَيْ: ذَبَائِحُكُمْ وَهَذِهِ رُخْصَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ لَا لِأَهْلِ الْكِتَابِ. لَمَّا كَانَ الْأَمْرُ يَقْتَضِي أَنْ شَيْئًا شُرِعَتْ لَنَا فِيهِ التَّذْكِيَةُ، يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَحْمِيَهُ مِنْهُمْ، فَرُخِّصَ لَنَا فِي ذَلِكَ رَفْعًا لِلْمَشَقَّةِ بِحَسَبِ التَّجَاوُزِ، فَلَا عَلَيْنَا بَأْسٌ أَنْ نُطْعِمَهُمْ وَلَوْ كَانَ حَرَامًا عَلَيْهِمْ طَعَامُ الْمُؤْمِنِينَ، لَمَا سَاغَ لِلْمُؤْمِنِينَ إِطْعَامُهُمْ. وَصَارَ الْمَعْنَى: أَنَّهُ أَحَلَّ لَكُمْ أَكْلَ طَعَامِهِمْ، وَأَحَلَّ لَكُمْ أَنْ تُطْعِمُوهُمْ مِنْ طَعَامِكُمْ، وَالْحِلُّ الْحَلَّالُ وَيُقَالُ فِي الْإِتْبَاعِ هَذَا حِلٌّ بِلٌّ.
وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ.
وَالْمَعْنَى: وَأُحِلَّ لَكُمْ نِكَاحُ الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ.
وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْإِحْصَانُ أن يَكُونَ بِالْإِسْلَامِ وَبِالتَّزْوِيجِ، وَيَمْتَنِعَانِ هُنَا، وَبِالْحَرِيَّةِ وَبِالْعِفَّةِ. فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَمُجَاهِدٌ، وَمَالِكٌ، وَجَمَاعَةٌ: الْإِحْصَانُ هُنَا الْحُرِّيَّةُ، فَلَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: مِنْهُمْ مُجَاهِدٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَأَبُو مَيْسَرَةَ، وَسُفْيَانُ، الْإِحْصَانُ هُنَا الْعِفَّةُ، فَيَجُوزُ نِكَاحُ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ.
وَمَنَعَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنْ نِكَاحِ غَيْرِ الْعَفِيفَةِ بِهَذَا الْمَفْهُومِ الثَّانِي. قَالَ الْحَسَنُ: إِذَا اطَّلَعَ الْإِنْسَانُ مِنِ امْرَأَتِهِ عَلَى فَاحِشَةٍ فَلْيُفَارِقْهَا. وَعَنْ مُجَاهِدٍ: يَحْرُمُ الْبَغَايَا مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ إِحْصَانُ الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ أَنْ لَا تَزْنِيَ، وَأَنْ تَغْتَسِلَ مِنَ الْجَنَابَةِ.
وَقَالَ عَطَاءٌ: رَخَّصَ فِي التَّزْوِيجِ بِالْكِتَابِيَّةِ، لِأَنَّهُ كَانَ فِي الْمُسْلِمَاتِ قِلَّةٌ، فَأَمَّا الْآنَ فَفِيهِنَّ الْكَثْرَةُ، فَزَالَتِ الْحَاجَةُ إِلَيْهِنَّ. وَالرُّخْصَةُ فِي تَزْوِيجِهِنَّ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ السَّلَفِ وَفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ فِي إِبَاحَةِ نِكَاحِ الْحَرَائِرِ الْكِتَابِيَّاتِ، وَاتَّفَقَ عَلَى ذَلِكَ الصَّحَابَةُ إِلَّا شَيْئًا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: اقْرَأْ آيَةَ التَّحْلِيلِ يُشِيرُ إِلَى هَذِهِ الْآيَةِ، وَآيَةَ التَّحْرِيمِ يُشِيرُ إِلَى وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ [1] وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي قَوْلِهِ: وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ.
وَتَزَوَّجَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَايِلَةَ بِنْتَ الْفَرَافِصَةِ الْكَلْبِيَّةِ عَلَى نِسَائِهِ، وَتَزَوَّجَ طَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَهُودِيَّةً مِنَ الشَّامِ، وَتَزَوَّجَ حُذَيْفَةُ يَهُودِيَّةً. (فَإِنْ قُلْتَ) : يَكُونُ ثَمَّ مَحْذُوفٌ أَيْ: وَالْمُحْصَنَاتُ اللَّاتِي كُنَّ كِتَابِيَّاتٍ فَأَسْلَمْنَ، وَيَكُونُ قَدْ وَصَفَهُنَّ بِأَنَّهُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِاعْتِبَارِ مَا كُنَّ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ: وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ [2] . وقال:

[1] سورة البقرة: 2/ 221.
[2] سورة البقرة: 2/ 199.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 184
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست