responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 179
وَيُقَوِّي قَوْلَ الشَّافِعِيِّ: أَنَّ الْمَعْنَى الْمُسْتَلَذَّاتُ، وَيُضَعَّفُ أَنَّ الْمَعْنَى: قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الْمُحَلَّلَاتُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ [1] كالخنافس والوزع وَغَيْرِهِمَا. وَالطَّيِّبُ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ يُسْتَعْمَلُ لِلْحَلَالِ وَلِلْمُسْتَلَذِّ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي الْبَقَرَةِ. وَالْمُعْتَبَرُ فِي الِاسْتِلْذَاذِ وَالِاسْتِطَابَةِ أَهْلُ الْمُرُوءَةِ والأخلاق الجميلة، كان بَعْضَ النَّاسِ يَسْتَطِيبُ أَكْلَ جَمِيعِ الْحَيَوَانَاتِ. وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ جَاءَتْ فِعْلِيَّةً، فَهِيَ جَوَابٌ لِمَا سَأَلُوا عَنْهُ فِي الْمَعْنَى لَا عَلَى اللَّفْظِ، لِأَنَّ الْجُمْلَةَ السَّابِقَةَ وَهِيَ: مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ اسْمِيَّةٌ، وَهَذِهِ فِعْلِيَّةٌ.
وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ ظَاهِرُ عَلَّمْتُمْ يُخَالِفُ ظَاهِرَ اسْتِئْنَافِ مُكَلِّبِينَ، فَغَلَّبَ الضَّحَّاكُ وَالسُّدِّيُّ وَابْنُ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٌ ظَاهِرَ لَفْظِ مُكَلِّبِينَ فَقَالُوا: الْجَوَارِحُ هِيَ الْكِلَابُ خَاصَّةً. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: إِنَّمَا يُصْطَادُ بِالْكِلَابِ. وَقَالَ هُوَ وَأَبُو جَعْفَرٍ: مَا صِيدَ بِغَيْرِهَا مِنْ بَازٍ وَصَقْرٍ وَنَحْوِهِمَا فَلَا يَحِلُّ، إِلَّا أَنْ تُدْرِكَ ذَكَاتَهُ فَتُذَكِّيَهُ. وَجَوَّزَ قَوْمٌ الْبُزَاةَ، فَجَوَّزُوا صَيْدَهَا لِحَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ. وَغَلَّبَ الْجُمْهُورُ ظَاهِرَ: وَمَا عَلَّمْتُمْ، وَقَالُوا: مَعْنَى مُكَلِّبِينَ مُؤَدِّبِينَ وَمُضْرِينَ وَمُعَوِّدِينَ، وَعَمَّمُوا الْجَوَارِحَ فِي كَوَاسِرِ الْبَهَائِمِ وَالطَّيْرِ مِمَّا يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ.
وَأَقْصَى غَايَةِ التَّعْلِيمِ أَنْ يُشْلَى فَيَسْتَشْلِيَ، وَيُدْعَى فَيُجِيبَ، وَيُزْجَرَ بَعْدَ الظَّفْرِ فَيَنْزَجِرَ، وَيَمْتَنِعَ مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنَ الصَّيْدِ. وَفَائِدَةُ هَذِهِ الْحَالِ وَإِنْ كَانَتْ مُؤَكِّدَةً لِقَوْلِهِ: عَلَّمْتُمْ، فَكَانَ يُسْتَغْنَى عَنْهَا أَنْ يَكُونَ الْمُعَلِّمُ مَؤْتَمِرًا بِالتَّعْلِيمِ حَاذِقًا فِيهِ مَوْصُوفًا بِهِ، وَاشْتُقَّتْ هَذِهِ الْحَالُ مِنَ الْكَلْبِ وَإِنْ كَانَتْ جَاءَتْ غَايَةً فِي الْجَوَارِحِ عَلَى سَبِيلِ التَّغْلِيبِ، لِأَنَّ التَّأْدِيبَ أَكْثَرُ مَا يَكُونُ فِي الْكِلَابِ، فَاشْتُقَّتْ مِنْ لَفْظِهِ لِكَثْرَةِ ذَلِكَ فِي جِنْسِهِ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ: وَإِنَّمَا قِيلَ مُكَلِّبِينَ، لِأَنَّ الْغَالِبَ مِنْ صَيْدِهِمْ أَنْ يَكُونَ بِالْكِلَابِ انْتَهَى. وَاشْتُقَّتْ مِنَ الْكَلَبِ وَهِيَ الضَّرَاوَةُ يُقَالُ: هُوَ كَلِبٌ بِكَذَا إِذَا كَانَ ضَارِيًا بِهِ.
قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أَوْ لِأَنَّ السَّبُعَ يُسَمَّى كَلْبًا، وَمِنْهُ
قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «اللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِ كَلْبًا مِنْ كِلَابِكَ» فَأَكَلَهُ الْأَسَدُ
، وَلَا يَصِحُّ هَذَا الِاشْتِقَاقُ، لِأَنَّ كَوْنَ الْأَسَدِ كَلْبًا هُوَ وَصْفٌ فِيهِ، وَالتَّكْلِيبُ مِنْ صِفَةِ الْمُعَلِّمِ، وَالْجَوَارِحُ هِيَ سِبَاعٌ بِنَفْسِهَا لَا بِجَعْلِ الْمُعَلِّمِ. وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: وَمَا عَلَّمْتُمْ، أَنَّهُ خِطَابٌ لِلْمُؤْمِنِينَ. فَلَوْ كَانَ الْمُعَلِّمُ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا فَكَرِهَ الصَّيْدَ بِهِ الْحَسَنُ، أَوْ مَجُوسِيًّا فَكَرِهَ الصَّيْدَ بِهِ: جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَالْحَسَنُ، وَعَطَاءٌ، ومجاهد، والنخعي،

[1] سورة الأعراف: 7/ 157.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 179
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست