responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 178
يَسْئَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ سَبَبُ نُزُولِهَا فِيمَا
قَالَ: عِكْرِمَةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ، سُؤَالُ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ وَسَعِيدِ بْنِ خَيْثَمَةَ وَعُوَيْمِرِ بْنِ سَاعِدَةَ. مَاذَا يَحِلُّ لَنَا مِنْ هَذِهِ الْكِلَابِ؟ وَكَانَ إِذْ ذَاكَ أَمَرَ الرَّسُولُ بِقَتْلِهَا فَقُتِلَتْ حَتَّى بَلَغَتِ الْعَوَاصِمَ لِقَوْلِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «إِنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ» وَفِي صَحِيحِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمِ بِسَنَدِهِ إِلَى أَبِي رَافِعٍ.
قَالَ: «أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ» ، فَقَالَ النَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أُحِلَّ لَنَا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ الَّتِي أَمَرْتَ بِقَتْلِهَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ الْآيَاتِ.
وَقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: نَزَلَتْ فِي عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ وَزَيْدِ الْخَيْلِ قَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَصِيدُ بِالْكِلَابِ وَالْبُزَاةِ، وَإِنَّ كِلَابَ آلِ دِرْعٍ وَآلَ أَبِي حُورِيَّةَ لَتَأْخُذُ الْبَقَرَ وَالْحُمُرَ وَالظِّبَاءَ وَالضَّبَّ، فَمِنْهُ مَا نُدْرِكُ ذَكَاتَهُ، وَمِنْهُ مَا يُقْتَلُ فَلَا نُدْرِكُ ذَكَاتَهُ، وَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ الْمَيْتَةَ، فَمَاذَا يَحِلُّ لَنَا مِنْهَا؟ فَنَزَلَتْ.
وَعَلَى اعْتِبَارِ السَّبَبِ يَكُونُ الْجَوَابُ أَكْثَرَ مِمَّا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ، لِأَنَّهُمْ سَأَلُوا عَنْ شَيْءٍ خَاصٍّ مِنَ الْمَطْعَمِ، فَأُجِيبُوا بِمَا سَأَلُوا عَنْهُ، وَبِشَيْءٍ عَامٍّ فِي الْمَطْعَمِ.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَاذَا كُلُّهَا اسْتِفْهَامًا، وَالْجُمْلَةُ خَبَرٍ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَا اسْتِفْهَامًا، وذا خَبَرًا. أَيْ: مَا الَّذِي أُحِلَّ لَهُمْ؟ وَالْجُمْلَةُ إِذْ ذَاكَ صِلَةٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَعْنَى:
مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ مِنَ الْمَطَاعِمِ، لِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ مَا حَرَّمَ مِنَ الْمَيْتَةِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ مِنَ الْخَبَائِثِ، سَأَلُوا عَمَّا يَحِلُّ لَهُمْ؟ وَلَمَّا كَانَ يَسْأَلُونَكَ الْفَاعِلُ فِيهِ ضَمِيرٌ غَائِبٌ قَالَ لَهُمْ بِضَمِيرِ الْغَائِبِ.
وَيَجُوزُ فِي الْكَلَامِ مَاذَا أُحِلَّ لَنَا، كَمَا تَقُولُ: أَقْسَمَ زَيْدٌ لَيَضْرِبَنِّ وَلَأَضْرِبَنَّ، وَضَمِيرُ التَّكَلُّمِ يَقْتَضِي حِكَايَةَ مَا قَالُوا كَمَا لَأَضْرِبَنَّ يَقْتَضِي حِكَايَةَ الْجُمْلَةِ الْمُقْسَمِ عَلَيْهَا. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فِي السُّؤَالِ مَعْنَى الْقَوْلِ، فَلِذَلِكَ وَقَعَ بَعْدَهُ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ، كَأَنَّهُ قِيلَ: يَقُولُونَ:
مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ انْتَهَى. وَلَا يُحْتَاجُ إِلَى مَا ذَكَرَ، لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّعْلِيقِ كَقَوْلِهِ: سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ، فَالْجُمْلَةُ الِاسْتِفْهَامِيَّةُ فِي مَوْضِعِ الْمَفْعُولِ الثَّانِي ليسألونك. وَنَصُّوا عَلَى أَنَّ فِعْلَ السُّؤَالِ يُعَلَّقُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَفْعَالِ الْقُلُوبِ، لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِلْعِلْمِ، فَكَمَا تَعَلَّقَ الْعِلْمُ فَكَذَلِكَ سَبَبُهُ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ: لَوْ كَانَ حِكَايَةً لِكَلَامِهِمْ لَكَانُوا قَدْ قَالُوا: مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ بَاطِلٌ، لِأَنَّهُمْ لَا يَقُولُونَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَقُولُونَ: مَاذَا أُحِلَّ لَنَا. بَلِ الصَّحِيحُ:
أَنَّ هَذَا لَيْسَ حِكَايَةَ كَلَامِهِمْ بِعِبَارَتِهِمْ، بَلْ هُوَ بَيَانُ كَيْفِيَّةِ الْوَاقِعَةِ انْتَهَى.
قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ لَمَّا كَانَتِ الْعَرَبُ تُحَرِّمُ أَشْيَاءَ مِنَ الطَّيِّبَاتِ كَالْبَحِيرَةِ، وَالسَّائِبَةِ، وَالْوَصِيلَةِ، وَالْحَامِ، بِغَيْرِ إِذْنٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، قَرَّرَ هُنَا أَنَّ الَّذِي أُحِلَّ هِيَ الطَّيِّبَاتُ.

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 178
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست