responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 161
بُنِيَتْ لِلْفَاعِلِ، وَلِأَنَّهُ يَتَقَيَّدُ إِحْلَالُهُ تَعَالَى بَهِيمَةَ الْأَنْعَامِ إِذَا أُرِيدَ بِهَا ثَمَانِيَةُ الْأَزْوَاجِ بِحَالِ انْتِفَاءِ إِحْلَالِهِ الصَّيْدَ وَهُمْ حُرُمٌ، وَهُوَ تَعَالَى قَدْ أَحَلَّهَا فِي هَذِهِ الْحَالِ وَفِي غَيْرِهَا.
وَأَمَّا مَا نَقَلَهُ الْقُرْطُبِيُّ عَنِ الْبَصْرِيِّينَ، فَإِنْ كَانَ النَّقْلُ صَحِيحًا فَهُوَ يَتَخَرَّجُ عَلَى مَا سَنُوَضِّحُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فَنَقُولُ: إِنَّمَا عَرَضَ الْإِشْكَالُ فِي الْآيَةِ مِنْ جَعْلِهِمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ حَالًا مِنَ الْمَأْمُورِينَ بِإِيفَاءِ الْعُقُودِ، أَوْ مِنَ الْمُحَلَّلِ لَهُمْ، أَوْ مِنَ الْمُحَلِّلِ وَهُوَ اللَّهُ تَعَالَى، أَوْ مِنَ الْمَتْلُوِّ عَلَيْهِمْ. وَغَرَّهُمْ فِي ذَلِكَ كَوْنُهُ كَتَبَ مُحِلِّي بِالْيَاءِ، وَقَدَّرُوهُ هُمْ أَنَّهُ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَحَلَّ، وَأَنَّهُ مُضَافٌ إِلَى الصَّيْدِ إِضَافَةَ اسْمِ الْفَاعِلِ الْمُتَعَدِّي إِلَى الْمَفْعُولِ، وَأَنَّهُ جَمْعٌ حُذِفَ مِنْهُ النُّونُ لِلْإِضَافَةِ. وَأَصْلُهُ: غَيْرَ مُحِلِّينَ الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ، إِلَّا فِي قَوْلِ مَنْ جَعَلَهُ حَالًا مِنَ الْفَاعِلِ الْمَحْذُوفِ، فَلَا يُقَدَّرُ فِيهِ حَذْفُ النُّونِ، بَلْ حَذْفُ التَّنْوِينِ. وَإِنَّمَا يَزُولُ الْإِشْكَالُ وَيَتَّضِحُ الْمَعْنَى بِأَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: مُحِلِّي الصَّيْدِ، مِنْ بَابِ قَوْلِهِمْ: حِسَانُ النِّسَاءِ.
وَالْمَعْنَى: النِّسَاءُ الْحِسَانُ، وَكَذَلِكَ هَذَا أَصْلُهُ غَيْرَ الصَّيْدِ الْمُحِلِّ. وَالْمُحِلُّ صِفَةٌ لِلصَّيْدِ لَا لِلنَّاسِ، وَلَا لِلْفَاعِلِ الْمَحْذُوفِ. وَوَصْفُ الصَّيْدِ بِأَنَّهُ مُحِلٌّ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ دَخَلَ فِي الْحِلِّ كَمَا تَقُولُ: أَحَلَّ الرَّجُلُ أَيْ: دَخَلَ فِي الْحِلِّ، وَأَحْرَمَ دَخَلَ فِي الْحَرَمِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ صَارَ ذَا حِلٍّ، أَيْ حَلَالًا بِتَحْلِيلِ اللَّهِ. وَذَلِكَ أَنَّ الصَّيْدَ عَلَى قِسْمَيْنِ: حَلَالٌ، وَحَرَامٌ. وَلَا يَخْتَصُّ الصَّيْدُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ بِالْحَلَالِ. أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ: إِنَّهُ لَيَصِيدُ الْأَرَانِبَ حَتَّى الثَّعَالِبَ لَكِنَّهُ يَخْتَصُّ بِهِ شَرْعًا؟ وَقَدْ تَجَوَّزَتِ الْعَرَبُ فَأَطْلَقَتِ الصَّيْدَ عَلَى مَا لَا يُوصَفُ بِحِلٍّ وَلَا حُرْمَةٍ نَحْوَ قَوْلِهِ:
لَيْثٌ بِعَثَّرَ يَصْطَادُ الرِّجَالَ إِذَا ... مَا كَذَّبَ اللَّيْثُ عَنْ أَقْرَانِهِ صَدَقَا
وَقَالَ آخَرُ:
وَقَدْ ذَهَبَتْ سَلْمَى بِعَقْلِكَ كُلِّهِ ... فَهَلْ غَيْرُ صَيْدٍ أَحْرَزَتْهُ حَبَائِلُهْ
وَقَالَ آخَرُ:
وَمَيٌّ تَصِيدُ قُلُوبَ الرِّجَالِ ... وَأَفْلَتَ مِنْهَا ابْنُ عُمَرٍ وَحَجَرٍ
وَمَجِيءُ أَفْعَلَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ كَثِيرٌ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ. فَمِنْ مَجِيءِ أَفْعَلَ لِبُلُوغِ الْمَكَانِ وَدُخُولِهِ قَوْلُهُمْ: أَحْرَمَ الرَّجُلُ، وَأَعْرَقَ، وَأَشْأَمَ، وَأَيْمَنَ، وَأَتْهَمَ، وَأَنْجَدَ إِذَا بَلَغَ هَذِهِ الْمَوَاضِعَ وَحَلَّ بِهَا. وَمِنْ مَجِيءِ أَفْعَلَ بِمَعْنَى صَارَ ذَا كَذَا قَوْلُهُمْ: أَعْشَبَتِ الْأَرْضُ،

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 161
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست