responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 160
الْجُمْهُورُ، وَالزَّمَخْشَرِيُّ، وَابْنُ عَطِيَّةَ وَغَيْرُهُمَا: هُوَ الضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ فِي أُحِلَّ لَكُمْ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ الْفَاعِلُ الْمَحْذُوفُ من أجل الْقَائِمُ مَقَامَهُ الْمَفْعُولُ بِهِ، وَهُوَ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ ضَمِيرُ الْمَجْرُورِ فِي عَلَيْكُمْ. وَنَقَلَ الْقُرْطُبِيُّ عَنِ الْبَصْرِيِّينَ أَنَّ قَوْلَهُ: إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ، هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ. وَأَنَّ قَوْلَهُ: غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ، اسْتِثْنَاءٌ آخَرُ مِنْهُ.
فَالِاسْتِثْنَاءَانِ مَعْنَاهُمَا مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ، وَفِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَالتَّقْدِيرُ: إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ إِلَّا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ مُحْرِمُونَ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ: إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ [1] عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ وَهُوَ قَوْلٌ مُسْتَثْنًى مِمَّا يَلِيهِ مِنَ الِاسْتِثْنَاءِ. قَالَ: وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَوَجَبَ إِبَاحَةُ الصَّيْدِ فِي الْإِحْرَامِ، لِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنَ الْمَحْظُورِ إِذَا كَانَ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ مُسْتَثْنًى مِنَ الْإِبَاحَةِ، وَهَذَا وَجْهٌ سَاقِطٌ، فَإِذَا مَعْنَاهُ: أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ غير مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ سِوَى الصَّيْدِ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَقَدْ خَلَطَ النَّاسُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فِي نَصْبِ غَيْرَ، وَقَدَّرُوا تَقْدِيمَاتٍ وَتَأْخِيرَاتٍ، وَذَلِكَ كُلُّهُ غَيْرُ مَرْضِيٍّ، لِأَنَّ الْكَلَامَ عَلَى اطِّرَادِهِ مُتَمَكِّنٌ اسْتِثْنَاءٌ بَعْدَ اسْتِثْنَاءٍ انْتَهَى كَلَامُهُ. وَهُوَ أَيْضًا مِمَّنْ خَلَطَ عَلَى مَا سَنُوَضِّحُهُ.
فَأَمَّا قَوْلُ الْأَخْفَشِ: فَفِيهِ الْفَصْلُ بَيْنَ ذِي الْحَالِ وَالْحَالِ بِجُمْلَةٍ اعْتِرَاضِيَّةٍ، بَلْ هِيَ مُنْشِئَةٌ أَحْكَامًا، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ. وَفِيهِ تَقْيِيدُ الْإِيفَاءِ بِالْعُقُودِ بِانْتِفَاءِ إِحْلَالِ الْمُوفِينَ الصَّيْدَ وَهُمْ حُرُمٌ، وَهُمْ مَأْمُورُونَ بِإِيفَاءِ الْعُقُودِ بِغَيْرِ قَيْدٍ، وَيَصِيرُ التَّقْدِيرُ: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ فِي حَالِ انْتِفَاءِ كَوْنِكُمْ مُحَلِّينَ الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ، وَهُمْ قَدْ أُحِلَّتْ لَهُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ أَنْفِسِهَا. وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الظِّبَاءُ وَبَقَرُ الْوَحْشِ وَحُمُرُهُ فَيَكُونَ الْمَعْنَى: وَأُحِلَّ لَكُمْ هَذِهِ فِي حَالِ انْتِفَاءِ كَوْنِكُمْ محلين الصيد وأنتم حرم، وَهَذَا تَرْكِيبٌ قَلِقٌ مُعَقَّدٌ، يُنَزَّهُ الْقُرْآنُ أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مِثْلُ هَذَا. وَلَوْ أُرِيدَ بِالْآيَةِ هَذَا الْمَعْنَى لَجَاءَ عَلَى أَفْصَحِ تَرْكِيبٍ وَأَحْسَنِهِ. وَأَمَّا قَوْلُ: مَنْ جَعَلَهُ حَالًا مِنَ الْفَاعِلِ.
وَقَدَّرَهُ: وَأَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ بَهِيمَةَ الْأَنْعَامِ غَيْرَ مُحِلٍّ لَكُمُ الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ، قَالَ كَمَا تَقُولُ:
أَحْلَلْتُ لَكَ كَذَا غَيْرَ مُبِيحِهِ لَكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَهُوَ فَاسِدٌ. لِأَنَّهُمْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ الْفَاعِلَ الْمَحْذُوفَ فِي مِثْلِ هَذَا التَّرْكِيبِ يَصِيرُ نِسْيًا مَنْسِيًّا، وَلَا يَجُوزُ وُقُوعُ الْحَالِ مِنْهُ. لَوْ قُلْتَ:
أُنْزِلَ الْمَطَرُ لِلنَّاسِ مُجِيبًا لِدُعَائِهِمْ، إِذِ الْأَصْلُ أَنْزَلَ اللَّهُ الْمَطَرَ مُجِيبًا لِدُعَائِهِمْ لَمْ يَجُزْ، وَخُصُوصًا عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنَ الْبَصْرِيِّينَ، لِأَنَّ صِيغَةَ الْفِعْلِ الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ صِيغَةٌ وُضِعَتْ أَصْلًا كَمَا وُضِعَتْ صِيغَتُهُ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ، وَلَيْسَتْ مُغَيَّرَةً مِنْ صِيغَةٍ

[1] سورة الحجر: 15/ 58.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 160
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست