responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 145
وَقَدْ تَقَدَّمَ كَلَامُنَا مُشْبَعًا فِي إِنَّمَا فِي قَوْلِهِ: إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ [1] وَكَلَامُ ابْنِ عَطِيَّةَ فِيهَا هُنَا أَنَّهَا لَا تَقْتَضِي بِوَضْعِهَا الْحَصْرَ صَحِيحٌ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ مَا فِي أَذْهَانِ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ.
سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ مَعْنَاهُ تَنْزِيهًا لَهُ وَتَعْظِيمًا مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ كَمَا تَزْعُمُ النَّصَارَى فِي أَمْرِهِ، إِذْ قَدْ نَقَلُوا أُبُوَّةَ الْحَنَانِ وَالرَّأْفَةِ إِلَى أُبُوَّةِ النَّسْلِ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ: أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ النُّونِ مِنْ يَكُونُ، عَلَى أَنَّ إِنْ نَافِيَةٌ أَيْ: مَا يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ فَيَكُونُ التَّنْزِيهُ عَنِ التَّثْلِيثِ، وَالْإِخْبَارُ بِانْتِفَاءِ الْوَلَدِ، فَالْكَلَامُ جُمْلَتَانِ، وَفِي قِرَاءَةِ الْجَمَاعَةِ جُمْلَةٌ وَاحِدَةٌ.
لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ إِخْبَارٌ لِمِلْكِهِ بِجَمِيعِ مَنْ فِيهِنَّ، فَيَسْتَغْرِقُ مِلْكُهُ عِيسَى وَغَيْرَهُ. وَمَنْ كَانَ مِلْكًا لَا يَكُونُ جُزْءًا مِنَ الْمَالِكِ عَلَى أَنَّ الْجُزْئِيَّةَ لَا تَصِحُّ إِلَّا فِي الْجِسْمِ، وَاللَّهُ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْ الْجِسْمِ وَالْعَرَضِ.
وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا أَيْ كَافِيًا فِي تَدْبِيرِ مَخْلُوقَاتِهِ وَحِفْظِهَا، فَلَا حَاجَةَ إِلَى صَاحِبَةٍ وَلَا وَلَدٍ وَلَا مُعِينٍ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ كَفِيلًا لِأَوْلِيَائِهِ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى يَكِلُ الْخَلْقُ إِلَيْهِ أُمُورَهُمْ، فَهُوَ الْغَنِيُّ عَنْهُمْ، وَهُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَيْهِ.
ْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ
رُوِيَ أَنَّ «وَفْدَ نَجْرَانَ قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِمَ تَعِيبُ صَاحِبَنَا؟ قَالَ: وَمَا صَاحِبُكُمُ؟ قَالُوا: عِيسَى قَالَ:
وَأَيَّ شَيْءٍ أَقُولُ؟ قَالُوا: تَقُولُ إِنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ قَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ بِعَارٍ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا قَالُوا:
بَلَى» . فَنَزَلَتْ
أَيْ لَا يَسْتَنْكِفُ عِيسَى مِنْ ذَلِكَ فَلَا تَسْتَنْكِفُوا لَهُ مِنْهُ، فَلَوْ كَانَ مَوْضِعَ اسْتِنْكَافٍ لَكَانَ هُوَ أَوْلَى بِأَنْ يَسْتَنْكِفَ لِأَنَّ الْعَارَ أَلْصَقُ بِهِ، أَيْ: لَنْ يَأْنَفَ وَيَرْتَفِعَ وَيَتَعَاظَمَ.
وقرأ على عبيد الله عَلَى التَّصْغِيرِ. وَالْمُقَرَّبُونَ أَيْ: الْكَرُوبِيُّونَ الَّذِينَ هُمْ حَوْلَ الْعَرْشِ كَجِبْرِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وَإِسْرَافِيلَ، وَمَنْ فِي طَبَقَتِهِمْ قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُمْ حَمَلَةُ الْعَرْشِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: مَنْ قَرُبَ مِنْهُمْ مِنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ انْتَهَى. وَعُطِفُوا عَلَى عِيسَى لِأَنَّ مِنَ الْكُفَّارِ مَنْ يَعْبُدُ الْمَلَائِكَةَ. وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ التَّقْدِيرُ: وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ أن يكونوا عبيد الله، فَإِنْ ضُمِّنَ عَبْدًا مَعْنَى مِلْكًا لِلَّهِ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى هَذَا التَّقْدِيرِ، وَيَكُونَ إِذْ ذَاكَ وَلَا الْمَلَائِكَةُ مِنْ بَابِ عَطْفِ الْمُفْرَدَاتِ، بِخِلَافِ مَا إِذَا لُحِظَ فِي عَبْدٍ الْوَحْدَةُ. فَإِنَّ

[1] سورة البقرة: 2/ 11.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 145
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست