responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 124
وَغَيْرُهُمْ. وَهَذَا فِيهِ بُعْدٌ لِكَثْرَةِ الْفَوَاصِلِ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ مِنْهُ، وَلِأَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَى السَّبَبِ سَبَبٌ، فَيَلْزَمُ تَأَخُّرُ بَعْضِ أَجْزَاءِ السَّبَبِ الَّذِي لِلتَّحْرِيمِ فِي الْوَقْتِ عَنْ وَقْتِ التَّحْرِيمِ، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ جُزْءَ سَبَبٍ أَوْ مُسَبِّبًا إِلَّا بِتَأْوِيلٍ بَعِيدٍ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا، وَقَوْلَهُمْ: إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ، مُتَأَخِّرٌ فِي الزَّمَانِ عَنْ تَحْرِيمِ الطَّيِّبَاتِ عَلَيْهِمْ، فَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: لَعَنَّاهُمْ، وَقَدْ جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي قَوْلِهِ: فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً [1] .
فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ.
وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً الظَّاهِرُ فِي قَوْلِهِ: وَبِكُفْرِهِمْ، وَقَوْلِهِمْ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: فَبِمَا نَقْضِهِمْ وَمَا بَعْدَهُ. عَلَى أَنَّ الزَّمَخْشَرِيَّ أَجَازَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ:
وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ، مَعْطُوفًا عَلَى بِكُفْرِهِمْ. وَتَكْرَارُ نِسْبَةِ الْكُفْرِ إِلَيْهِمْ بِحَسَبِ مُتَعَلِّقَاتِهِ، إِذْ كَفَرُوا بِمُوسَى، ثُمَّ بِعِيسَى، ثُمَّ بِمُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَعَطَفَ بَعْضَ كُفْرِهِمْ عَلَى بَعْضٍ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أَوْ عَطَفَ مَجْمُوعَ الْمَعْطُوفِ عَلَى مَجْمُوعِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، كَأَنَّهُ قيل:
فبجمعهم بَيْنَ نَقْضِ الْمِيثَاقِ وَالْكُفْرِ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ وَقَوْلِهِمْ: قُلُوبُنا غُلْفٌ [2] ، وَجَمْعِهِمْ بَيْنَ كُفْرِهِمْ وَبُهْتِهِمْ مَرْيَمَ، وَافْتِخَارِهِمْ بِقَتْلِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَاقَبْنَاهُمْ. أَوْ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا وَجَمَعَهُمْ بَيْنَ كَفْرِهِمْ، وَكَذَا وَكَذَا. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ أَيْضًا:
(فَإِنْ قُلْتَ) : هَلَّا زَعَمْتَ أَنَّ الْمَحْذُوفَ الَّذِي تَعَلَّقَتْ بِهِ الْبَاءُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ؟ (قُلْتُ) : لَمْ يَصِحَّ هَذَا التَّقْدِيرُ، لِأَنَّ قوله: بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ، رَدٌّ وَإِنْكَارٌ لِقَوْلِهِمْ: قُلُوبُنَا غُلْفٌ، فَكَانَ مُتَعَلِّقًا بِهِ انْتَهَى. وَهُوَ جَوَابٌ حَسَنٌ، وَيَمْتَنِعُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنْ الْعَطْفَ بِبَلْ يَكُونُ لِلْإِضْرَابِ عَنِ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ، وَإِثْبَاتِهِ لِلثَّانِي عَلَى جِهَةِ إِبْطَالِ الْأَوَّلِ، أَوْ الِانْتِقَالِ عَامًّا فِي كِتَابِ اللَّهِ فِي الْإِخْبَارِ، فَلَا يَكُونُ إِلَّا لِلِانْتِقَالِ. وَيُسْتَفَادُ مِنَ الْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ مَا لَا يُسْتَفَادُ مِنَ الْجُمْلَةِ الْأُولَى. وَالَّذِي قَدَّرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ لَا يُسَوَّغُ فِيهِ هَذَا الَّذِي قَرَّرْنَاهُ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ، وَقَوْلِهِمْ: قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ، فَأَفَادَتِ الْجُمْلَةُ الثَّانِيَةُ مَا أَفَادَتِ الْجُمْلَةُ الْأُولَى وَهُوَ لَا يَجُوزُ. لَوْ قُلْتَ: مَرَّ زَيْدٌ بِعَمْرٍو، بَلْ مَرَّ زَيْدٌ بِعَمْرٍو، لَمْ يَجُزْ. وَقَدْ أَجَازَ ذَلِكَ أَبُو الْبَقَاءِ وَهُوَ أَنْ يكون

[1] سورة المائدة: 5/ 13.
[2] سورة النساء: 4/ 155.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 124
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست