responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 123
فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآياتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنا غُلْفٌ قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ فِيمَا لَخَّصْنَاهُ مِنْ كَلَامِهِ، هَذَا إِخْبَارٌ عَنْ أَشْيَاءَ وَاقَعُوهَا فِي الضِّدِّ مِمَّا أُخِذُوا بِهِ، نَقَضُوا الْمِيثَاقَ الَّذِي رُفِعَ عَلَيْهِمُ الطُّورُ بِسَبَبِهِ، وَجَعَلُوا بَدَلَ الْإِيمَانِ الَّذِي تَضَمَّنَهُ الْأَمْرُ بِدُخُولِ الْبَابِ سُجَّدًا الْمُتَضَمِّنُ التَّوَاضُعَ الَّذِي هُوَ ثَمَرَةُ الْإِيمَانِ، كُفْرَهُمْ بِآيَاتِ اللَّهِ، وَبَذْلِ الطَّاعَةِ، وَامْتِثَالِ مُوَافَقَتِهِ، فِي أَنْ لَا يَعْدُوا فِي السَّبْتِ انْتِهَاكَ أَعْظَمِ الْحُرُمِ، وَهُوَ قَتْلُ الْأَنْبِيَاءِ، وَقَابَلُوا أَخْذَ الْمِيثَاقِ الْغَلِيظِ بِتَجَاهُلِهِمْ وَقَوْلِهِمْ: قُلُوبُنَا غُلْفٌ: أَيْ: فِي حُجُبٍ، وَغُلُفٍ: فَهِيَ لَا تَفْهَمُ. وَأَضْرَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ قَوْلِهِمْ وَكَذِبِهِمْ، وَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ قَدْ طَبَعَ عَلَيْهَا بِسَبَبِ كُفْرِهِمْ انْتَهَى. وَالْمِيثَاقُ الْمَنْقُوضُ: أَهُوَ كِتْمَانُهُمْ صِفَةَ الرَّسُولِ وَتَكْذِيبُهُ فِيمَا جَاءَ بِهِ؟ أَوْ تَرْكُهُمُ الْعَمَلَ بِمَا فِي كِتَابِهِمْ؟ مَعَ أَنَّهُمْ قَبِلُوا وَالْتَزَمُوا الْعَمَلَ بِهَا قَوْلَانِ. وَآيَاتُ اللَّهِ الَّتِي كَفَرُوا بِهَا أَهِيَ الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِمْ فِي كُتُبِهِمْ؟ أَوْ جَمِيعُ كُتُبِ اللَّهِ الْمُنَزَّلَةِ؟ قَوْلَانِ.
وَتَقَدَّمَ شَرْحُ قُلُوبُنَا غُلْفٌ فِي الْبَقَرَةِ.
بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ أَدْغَمَ لَامَ بَلْ فِي طَاءِ طَبَعَ الْكِسَائِيُّ وَحَمْزَةُ، وَأَظْهَرَهَا بَاقِي السَّبْعَةِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ خَبَرٌ مَعْنَاهُ الذَّمُّ، عَلَى أَنَّ قُلُوبَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْمَطْبُوعِ عَلَيْهَا الَّتِي لَا تَفْهَمُ أَبَدًا وَلَا تُطِيعُ مُرْسَلًا. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أَرَادُوا بِقَوْلِهِمْ:
قُلُوبُنَا غُلْفٌ، أَيْ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ قُلُوبَنَا غُلْفًا، أَيْ: فِي أَكِنَّةٍ لَا يُتَوَصَّلُ إِلَيْهَا بِشَيْءٍ مِنَ الذِّكْرِ وَالْمَوْعِظَةِ، كَمَا حَكَى اللَّهُ عَنِ الْمُشْرِكِينَ: وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ مَا عَبَدْناهُمْ [1] وَتَكْذِيبُ الْمُجْبِرَةِ أَخْزَاهُمُ اللَّهُ فَقِيلَ لَهُمْ: خَذَلَهَا اللَّهَ وَمَنَعَهَا الْأَلْطَافَ بِسَبَبِ كُفْرِهِمْ، فَصَارَتْ كَالْمَطْبُوعِ عَلَيْهَا، لَا إِنْ تخلق غلفا غير قَابِلَةَ الذِّكْرِ، وَلَا مُتَمَكِّنَةً مِنْ قَبُولِهِ انْتَهَى. وَهُوَ عَلَى مَذْهَبِهِ الِاعْتِزَالِيِّ. وَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ فَيَقُولُونَ: إِنَّ اللَّهَ طَبَعَ عَلَيْهَا حَقِيقَةً كَمَا أَخْبَرَ تَعَالَى إِذْ لَا خَالِقَ غَيْرُهُ. وَالْبَاءُ فِي فَبِمَا نَقْضِهِمْ تَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ قَدَّرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَعَلْنَا بِهِمْ مَا فَعَلْنَاهُ.
وَقَدَّرَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ: لَعَنَّاهُمْ وَأَذْلَلْنَاهُمْ، وَحَتَّمْنَا عَلَى الْوَافِينَ مِنْهُمُ الْخُلُودَ فِي جَهَنَّمَ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَحَذْفُ جَوَابِ هَذَا الْكَلَامِ بَلِيغٌ مَتْرُوكٌ مَعَ ذِهْنِ السَّامِعِ انْتَهَى. وَتَسْمِيَةُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْمَجْرُورُ بِأَنَّهُ جَوَابُ اصْطِلَاحٍ لَمْ يُعْهَدْ فِي عِلْمِ النَّحْوِ، وَلَا تُسَاعِدُهُ اللُّغَةُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِجَوَابٍ. وَجَوَّزُوا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِقَوْلِهِ: حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ [2] عَلَى أَنَّ قَوْلُهُ: فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا [3] بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ: فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ، وَقَالَهُ الزَّجَّاجُ، وأبو بكر، والزمخشري،

[1] سورة الزخرف: 43/ 20.
[2] سورة النساء: 4/ 16.
[3] سورة النساء: 4/ 160.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 123
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست