responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 3  صفحه : 97
كُلِّهَا، فَكَانَ حَقُّهَا أَنْ تُحْذَرَ وَتُتَّقَى، فَلَا يَجْسُرُ أَحَدٌ عَلَى قَبِيحٍ، وَلَا يُقَصِّرُ عَنْ وَاجِبٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ مُطَّلَعٌ عَلَيْهِ لَا مَحَالَةَ، فَلَاحِقٌ بِهِ الْعَذَابُ. انْتَهَى. وَهُوَ كَلَامٌ حَسَنٌ، وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِإِثْبَاتِ صِفَةِ الْعِلْمِ، وَالْقُدْرَةِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ أَشْيَاخُهُ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ، وَمُوَافَقَةٌ لِأَهْلِ السُّنَّةِ فِي إِثْبَاتِ الصِّفَاتِ.
يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً اخْتُلِفَ فِي الْعَامِلِ فِي: يَوْمَ، فَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْعَامِلُ فِيهِ: وَيُحَذِّرُكُمْ، وَرَجَّحَهُ. وَقَالَ أَيْضًا: الْعَامِلُ فِيهِ: الْمَصِيرُ. وَقَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: الْعَامِلُ فِيهِ: قَدِيرٌ، وَقَالَ أَيْضًا: فِيهِ مُضْمَرٌ تَقْدِيرُهُ اذْكُرْ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: تَقْدِيرُهُ: اتَّقُوا، وَيَضْعُفُ نَصْبُهُ بِقَوْلِهِ:
وَيُحَذِّرُكُمْ، لِطُولِ الْفَصْلِ. هَذَا مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ، وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى فَلِأَنَّ التَّحْذِيرَ مَوْجُودٌ، وَالْيَوْمَ مَوْعُودٌ، فَلَا يَصِحُّ لَهُ الْعَمَلُ فِيهِ، وَيَضْعُفُ انْتِصَابُهُ: بِالْمَصِيرِ، لِلْفَصْلِ بَيْنَ الْمَصْدَرِ وَمَعْمُولِهِ، وَيَضْعُفُ نَصْبُهُ: بِقَدِيرٍ، لِأَنَّ قُدْرَتَهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ لَا تَخْتَصُّ بِيَوْمٍ دُونَ يَوْمٍ، بَلْ هُوَ تَعَالَى مُتَّصِفٌ بِالْقُدْرَةِ دَائِمًا. وَأَمَّا نَصْبُهُ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ، فَالْإِضْمَارُ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: يَوْمَ تَجِدُ منصوب: بتود، وَالضَّمِيرُ فِي: بَيْنَهُ، لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ، حِينَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ خَيْرَهَا وَشَرَّهَا حَاضِرَيْنِ تَتَمَنَّى لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَهُوَ لَهُ أَمَدًا بَعِيدًا. انْتَهَى هَذَا التَّخْرِيجُ.
وَالظَّاهِرُ فِي بادىء النَّظَرِ حُسْنُهُ وَتَرْجِيحُهُ، إِذْ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ مُضْعِفَاتِ الْأَقْوَالِ السَّابِقَةِ، لَكِنْ فِي جَوَازِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَنَظَائِرِهَا خِلَافٌ بَيْنِ النَّحْوِيِّينَ، وَهِيَ: إِذَا كَانَ الْفَاعِلُ ضَمِيرًا عَائِدًا عَلَى شَيْءٍ اتَّصَلَ بِالْمَعْمُولِ لِلْفِعْلِ، نَحْوَ: غُلَامَ هِنْدٍ ضَرَبْتُ، وَثَوْبَيْ أَخَوَيْكَ يَلْبَسَانِ، وَمَالُ زَيْدٍ أُخِذَ، فَذَهَبَ الْكِسَائِيُّ، وَهِشَامٌ، وَجُمْهُورُ الْبَصْرِيِّينَ: إِلَى جَوَازِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ. وَمِنْهَا الْآيَةُ عَلَى تَخْرِيجِ الزمخشري، لأن الفاعل: بتودّ، هُوَ ضَمِيرٌ عَائِدٌ عَلَى شَيْءٍ اتَّصَلَ بِمَعْمُولِ: تَوَدُّ، وَهُوَ: يَوْمَ، لِأَنَّ: يَوْمَ، مُضَافٌ إِلَى: تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ، وَالتَّقْدِيرُ: يَوْمَ وُجْدَانِ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ.
وَذَهَبَ الْفَرَّاءُ، وَأَبُو الْحَسَنِ الْأَخْفَشُ، وَغَيْرُهُ مِنَ الْبَصْرِيِّينَ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ وَأَمْثَالَهَا لَا تَجُوزُ، لِأَنَّ هَذَا الْمَعْمُولَ فَضْلَةٌ، فَيَجُوزُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْهُ، وَعَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى مَا اتَّصَلَ بِهِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ يُخْرِجُهُ عَنْ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ يَلْزَمُ ذِكْرُ الْمَعْمُولِ لِيَعُودَ الضَّمِيرُ الْفَاعِلُ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 3  صفحه : 97
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست