responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 3  صفحه : 190
محمد صلى الله عليه وَسَلَّمَ، لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَدْعُو نَفْسَهُ، بَلِ الْمُرَادُ غَيْرُهُ. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الَّذِي هُوَ غَيْرُهُ:
عَلِيٌّ، فَدَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ نَفْسَهُ نَفْسُ الرَّسُولِ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عَيْنَهَا، فَالْمُرَادُ مِثْلُهَا، وَذَلِكَ يَقْتَضِي الْعُمُومَ إِلَّا أَنَّهُ تَرَكَ فِي حَقِّ النُّبُوَّةِ الْفَضْلَ لِقِيَامِ الدَّلِيلِ وَدَلَّ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفضل مِنْ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ، فَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ عَلِيٌّ كَذَلِكَ.
قَالَ: وَيُؤَكِّدُ ذَلِكَ
الْحَدِيثُ الْمَنْقُولُ عَنْهُ مِنَ الْمُوَافِقِ وَالْمُخَالِفِ: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَرَى آدَمَ فِي عِلْمِهِ، ونوحا في طاعته، وإبراهيم في حلمه، وموسى في قومه، وعيسى فِي صَفْوَتِهِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب» .
فَيَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ اجْتَمَعَ فِيهِ مَا كَانَ مُتَفَرِّقًا فِيهِمْ.
قَالَ: وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّحَابَةِ. وَأَجَابَ الرَّازِيُّ: بِأَنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم أَفْضَلُ مِمَّنْ لَيْسَ بِنَبِيٍّ، وَعَلِيٌّ لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا، فَلَزِمَ الْقَطْعُ بِأَنَّهُ مَخْصُوصٌ فِي حَقِّ جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ.
وَقَالَ الرَّازِيُّ: اسْتِدْلَالُ الْحِمْصِيِّ فَاسِدٌ مِنْ وُجُوهٍ.
مِنْهَا قَوْلُهُ: إِنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَدْعُو نَفْسَهُ بَلْ يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَدْعُوَ نَفْسَهُ، تَقُولُ الْعَرَبُ:
دَعَوْتُ نَفْسِي إِلَى كَذَا فَلَمْ تُجِبْنِي، وَهَذَا يُسَمِّيهِ أَبُو عَلِيٍّ بِالتَّجْرِيدِ.
وَمِنْهَا قَوْلُهُ: وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الَّذِي هُوَ غَيْرُهُ هُوَ عَلِيٌّ، لَيْسَ بِصَحِيحٍ، بِدَلِيلِ الْأَقْوَالِ الَّتِي سِيقَتْ فِي الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ: وَأَنْفُسَنَا.
وَمِنْهَا قَوْلُهُ: فَيَكُونُ نَفْسُهُ مِثْلَ نَفْسِهِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنَ الْمُمَاثَلَةِ أَنْ تَكُونَ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ، بَلْ تَكْفِي الْمُمَاثَلَةُ فِي شَيْءٍ مَا، هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ أَهْلُ اللُّغَةِ، لَا الَّذِي يَقُولُهُ الْمُتَكَلِّمُونَ: مِنْ أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ تَكُونُ فِي جَمِيعِ صِفَاتِ النَّفْسِ، هَذَا اصْطِلَاحٌ مِنْهُمْ لَا لُغَةٌ.
فَعَلَى هَذَا تَكْفِي الْمُمَاثَلَةُ فِي صِفَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ كَوْنُهُ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: هَذَا مِنْ أَنْفُسِنَا، أَيْ: مِنْ قَبِيلَتِنَا. وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي اسْتَدَلَّ بِهِ فَمَوْضُوعٌ لَا أَصْلَ لَهُ. وَهَذِهِ النَّزْغَةُ الَّتِي ذَهَبَ إِلَيْهَا هَذَا الْحِمْصِيُّ مِنْ كَوْنِ عَلِيٍّ أَفْضَلَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ سِوَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَلَقَّفَهَا بَعْضُ مَنْ يَنْتَحِلُ كَلَامَ الصُّوفِيَّةِ، وَوَسَّعَ الْمَجَالَ فِيهَا، فَزَعَمَ أَنَّ الْوَلِيَّ أَفْضَلُ مِنَ النَّبِيِّ، وَلَمْ يَقْصُرْ ذَلِكَ عَلَى وَلِيٍّ وَاحِدٍ، كَمَا قَصَرَ ذَلِكَ الْحِمْصِيُّ، بَلْ زَعَمَ: أَنَّ رُتْبَةَ الْوِلَايَةِ الَّتِي لَا نُبُوَّةَ مَعَهَا أَفْضَلُ مِنْ رُتْبَةِ النُّبُوَّةِ. قَالَ: لِأَنَّ الْوَلِيَّ يَأْخُذُ عَنِ اللَّهِ بِغَيْرِ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 3  صفحه : 190
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست