responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 3  صفحه : 189
بَكْرٍ الرَّازِيُّ: وَفِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ ابْنَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ علان: كَانَا إِذْ ذَاكَ مُكَلَّفَيْنِ، لِأَنَّ الْمُبَاهَلَةَ عِنْدَهُ لَا تَصِحُّ إِلَّا مِنْ مُكَلَّفٍ.
وَقَدْ طَوَّلَ الْمُفَسِّرُونَ بِمَا رَوَوْا فِي قِصَّةِ الْمُبَاهَلَةِ، ومضمونها أَنَّهُ دَعَاهُمْ إِلَى الْمُبَاهَلَةِ، وخرج بالحسن والحسين وفاطمة وعليّ إِلَى الْمِيعَادِ، وَأَنَّهُمْ كَفُّوا عَنْ ذَلِكَ، وَرَضُوا بِالْإِقَامَةِ عَلَى دِينِهِمْ وَأَنْ يُؤَدُّوا الْجِزْيَةَ، وَأَخْبَرَهُمْ أَحْبَارُهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ بَاهَلُوا عُذِّبُوا، وَأَخْبَرَ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ إِنْ بَاهَلُوا عُذِّبُوا، وَفِي تَرْكِ النَّصَارَى الْمُلَاعَنَةَ لِعِلْمِهِمْ بِنُبُوَّتِهِ شَاهِدٌ عَظِيمٌ عَلَى صِحَّةِ نُبُوَّتِهِ.
قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإِنْ قُلْتَ: مَا كَانَ دُعَاؤُهُ إِلَى الْمُبَاهَلَةِ إِلَّا لِتَبْيِينِ الْكَاذِبِ مِنْهُ وَمِنْ خَصْمِهِ، وَذَلِكَ أَمْرٌ يَخْتَصُّ بِهِ وَبِمَنْ يُكَاذِبُهُ، فَمَا مَعْنَى ضَمِّ الْأَبْنَاءِ وَالنِّسَاءِ؟.
قُلْتُ: ذَلِكَ آكَدُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى ثِقَتِهِ بِحَالِهِ، وَاسْتِيقَانِهِ بِصِدْقِهِ، حَيْثُ اسْتَجْرَأَ عَلَى تَعْرِيضِ نَفْسِهِ لَهُ، وَعَلَى ثِقَتِهِ بِكَذِبِ خَصْمِهِ حَتَّى يُهْلِكَ خَصْمَهُ مَعَ أَحِبَّتِهِ وَأَعِزَّتِهِ هَلَاكَ الِاسْتِئْصَالِ إِنْ تَمَّتِ الْمُبَاهَلَةُ. وَخَصَّ الْأَبْنَاءَ وَالنِّسَاءَ لِأَنَّهُمْ أَعَزُّ الْأَهْلِ، وَأَلْصَقُهُمْ بِالْقُلُوبِ.
وَرُبَّمَا فَدَاهُمُ الرَّجُلُ بِنَفْسِهِ وَحَارَبَ دُونَهُمْ حَتَّى يُقْتَلَ، وَمِنْ ثَمَّ كَانُوا يَسُوقُونَ مَعَ أَنْفُسِهِمُ الظَّعَائِنَ فِي الْحُرُوبِ لِتَمْنَعَهُمْ مِنَ الْهَرَبِ، وَيُسَمُّونَ الذَّادَةَ عَنْهَا بِأَرْوَاحِهِمْ حُمَاةَ الْحَقَائِقِ، وَقَدَّمَهُمْ فِي الذِّكْرِ عَلَى الْأَنْفُسِ لِيُنَبِّهَ عَلَى لُطْفِ مَكَانِهِمْ، وَقُرْبِ مَنْزِلَتِهِمْ، وَلِيُؤْذِنَ بِأَنَّهُمْ مُقَدَّمُونَ عَلَى الْأَنْفُسِ يُفْدَوْنَ بِهَا، وَفِيهِ دَلِيلٌ لَا شَيْءَ أَقْوَى مِنْهُ عَلَى فَضْلِ أَصْحَابِ الْكِسَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَفِيهِ بُرْهَانٌ وَاضِحٌ عَلَى صِحَّةِ نُبُوَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، لِأَنَّهُ لَمْ يَرَ وَاحِدٌ مِنْ مُوَافِقٍ وَلَا مُخَالِفٍ أَنَّهُمْ أَجَابُوا إِلَى ذَلِكَ. انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَمَا رَوَاهُ الرُّوَاةُ مِنْ أَنَّهُمْ تَرَكُوا الْمُلَاعَنَةَ لِعِلْمِهِمْ بِنُبُوَّتِهِ أَحَجُّ لَنَا عَلَى سَائِرِ الْكَفَرَةِ، وَأَلْيَقُ بِحَالِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَدُعَاءُ النِّسَاءِ وَالْأَبْنَاءِ لِلْمُلَاعَنَةِ أَهَزُّ لِلنُّفُوسِ وَأَدْعَى لِرَحْمَةِ اللَّهِ أَوْ لِغَضَبِهِ عَلَى الْمُبْطِلِينَ، وَظَاهِرُ الْأَمْرِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُمْ بِمَا يَخُصُّهُ، وَلَوْ عَزَمُوا اسْتَدْعَى الْمُؤْمِنِينَ بِأَبْنَائِهِمْ وَنِسَائِهِمْ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ يَكْتَفِي بِنَفْسِهِ وَخَاصَّتِهِ فَقَطِ.
انْتَهَى.
وَفِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى الْمُظَاهَرَةِ بِطَرِيقِ الْإِعْجَازِ عَلَى مَنْ يَدَّعِي الْبَاطِلَ بَعْدَ وُضُوحِ الْبُرْهَانِ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ، وَمِنْ أَغْرَبِ الِاسْتِدْلَالِ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ مِنَ الْآيَةِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحِمْصِيُّ. وَكَانَ مُتَكَلِّمًا عَلَى طَرِيقِ الْإِثْنَى عَشْرِيَّةَ، عَلَى: أَنَّ عَلِيًّا أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ سِوَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ لَيْسَ الْمُرَادُ نَفْسَ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 3  صفحه : 189
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست