responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 704
يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ طِيبِ مَا كَسَبَ، وَلَا يَكُونُ مِنَ الْخَبِيثِ. فَذُكِرَ نَوْعٌ غَالِبٌ عَلَيْهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَهُوَ: خَبِيثٌ، وَهُوَ: الرِّبَا، حَتَّى يَمْتَنِعَ مِنَ الصَّدَقَةِ بِمَا كَانَ مِنْ رِبًا، وَأَيْضًا فَتَظْهَرُ مُنَاسَبَةٌ أُخْرَى، وَذَلِكَ أَنَّ الصَّدَقَاتِ فِيهَا نُقْصَانُ مَالٍ، وَالرِّبَا فِيهِ زِيَادَةُ مَالٍ، فَاسْتَطْرَدَ مِنَ الْمَأْمُورِ بِهِ إِلَى ذِكْرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ مُنَاسَبَةِ ذِكْرِ التَّضَادِّ، وَأَبْدَى لِأَكْلِ الرِّبَا صُورَةً تَسْتَبْشِعُهَا الْعَرَبُ عَلَى عَادَتِهَا فِي ذِكْرِ مَا اسْتَغْرَبَتْهُ وَاسْتَوْحَشَتْ مِنْهُ، كَقَوْلِهِ: طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ [1] وَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
وَمَسْنُونَةٌ زُرْقٌ كَأَنْيَابِ أَغْوَالِ وَقَوْلِ الْآخَرِ:
خَيْلًا كَأَمْثَالِ السَّعَالِي شُرَّبًا وَقَوْلِ الْآخَرِ:
بَخِيلٍ عَلَيْهَا جِنَّةٌ عَبْقَرِيَّةٌ وَالْأَكْلُ هُنَا قِيلَ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ خُصُوصِ الْأَكْلِ، وَأَنَّ الْخَبَرَ: عَنْهُمْ، مُخْتَصٌّ بِالْآكِلِ الربا، وَقِيلَ: عَبَّرَ عَنْ مُعَامَلَةِ الرِّبَا وَأَخْذِهِ بِالْأَكْلِ، لِأَنَّ الْأَكْلَ غَالِبُ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ فِيهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا [2] وَقِيلَ: الرِّبَا هُنَا كِنَايَةٌ عَنِ الْحَرَامِ، لَا يَخُصُّ الرِّبَا الَّذِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَلَا الرِّبَا الشَّرْعِيِّ. وَقَرَأَ العدوي: الربو، بالواو قيل: وَهِيَ لُغَةُ الْحِيرَةِ، وَلِذَلِكَ كَتَبَهَا أَهْلُ الْحِجَازِ بِالْوَاوِ لِأَنَّهُمْ تَعَلَّمُوا الْخَطَّ مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ، وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ عَلَى لُغَةِ مَنْ وَقَفَ عَلَى أَفْعَى بِالْوَاوِ، فَقَالَ: هذه أفعو، فأجرى الْقَارِئُ الْوَصْلَ إِجْرَاءَ الْوَقْفِ.
وَحَكَى أَبُو زَيْدٍ: أَنَّ بَعْضَهُمْ قَرَأَ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَضَمِّ الْبَاءِ وَوَاوٍ سَاكِنَةٍ، وَهِيَ قِرَاءَةٌ بَعِيدَةٌ، لِأَنْ لَا يُوجَدُ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ اسْمٌ آخِرُهُ وَاوٌ قَبْلَهَا ضَمَّةٌ، بَلْ مَتَى أَدَّى التَّصْرِيفُ إِلَى ذَلِكَ قُلِبَتْ تِلْكَ الْوَاوُ يَاءً وَتِلْكَ الضَّمَّةُ كَسْرَةً، وَقَدْ أُوِّلَتْ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ عَلَى أَنَّهَا عَلَى لُغَةِ مَنْ قَالَ: فِي أَفْعَى: أَفْعُو، فِي الْوَقْفِ. وَأَنَّ الْقَارِئَ إِمَّا أَنَّهُ لَمْ يَضْبُطْ حَرَكَةَ الْبَاءِ، أَوْ سَمَّى قُرْبَهَا مِنَ الضَّمَّةِ ضَمًّا.
وَ: لَا يَقُومُونَ، خَبَرٌ عَنْ: الَّذِينَ، وَوَقَعَ فِي بَعْضِ التَّصَانِيفِ أَنَّهَا جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ، وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا، إِذْ يُتَكَلَّفُ إِضْمَارُ خَبَرٍ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ عَلَيْهِ. وَظَاهِرُ هَذَا الْإِخْبَارِ أَنَّهُ إخبار عن الذين

[1] سورة الصافات: 37/ 65.
[2] سورة النساء: 4/ 161.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 704
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست