responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 699
مَقَالَاتٌ. قَالَ الْمُرْتَعِشُ: عِزَّتُهُمْ عَلَى الْفَقْرِ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: فَرَحُهُمْ بِالْفَقْرِ، وَقَالَ أَبُو عُثْمَانَ: إِيثَارُ مَا عِنْدَهُمْ مَعَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ، وَقِيلَ: تِيهُهُمْ عَلَى الْغَنِيِّ، وَقِيلَ: طِيبُ الْقَلْبِ وَبَشَاشَةُ الْوَجْهِ.
والباء متعلقة: بتعرفهم، وَهِيَ لِلسَّبَبِ، وَجَوَّزُوا فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ مَا جَوَّزُوا فِي الْجُمَلِ قَبْلَهَا، مِنَ الْحَالِيَّةِ، وَمِنَ الِاسْتِئْنَافِ.
وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ طِبَاقٌ فِي مَوْضِعَيْنِ: أَحَدُهُمَا: فِي قَوْلِهِ: أحصروا وضربا فِي الْأَرْضِ، وَالثَّانِي: فِي قوله: للفقراء وأغنياء.
لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً إِذَا نُفِيَ حُكْمٌ عَنْ مَحْكُومٍ عَلَيْهِ بِقَيْدٍ، فَالْأَكْثَرُ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ انْصِرَافُ النَّفْيِ لِذَلِكَ الْقَيْدِ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى عَلَى هَذَا ثُبُوتَ سُؤَالِهِمْ، وَنَفْيَ الْإِلْحَاحِ أَيْ: وَإِنْ وَقَعَ مِنْهُمْ سُؤَالٌ، فَإِنَّمَا يَكُونُ بِتَلَطُّفٍ وَتَسَتُّرٍ لَا بِإِلْحَاحٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَنْفِيَ ذَلِكَ الْحُكْمَ فَيَنْتَفِي ذَلِكَ الْقَيْدُ، فَيَكُونُ عَلَى هَذَا نَفْيُ السُّؤَالِ وَنَفْيُ الْإِلْحَاحِ، فَلَا يَكُونُ النَّفْيُ عَلَى هَذَا مُنْصَبًّا عَلَى الْقَيْدِ فَقَطْ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا يَسْأَلُونَ إِلْحَافًا وَلَا غَيْرَ إِلْحَافٍ، وَنَظِيرُ هَذَا: مَا تَأْتِينَا فَتُحَدِّثَنَا.
فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ: مَا تَأْتِينَا مُحَدِّثًا، إِنَّمَا تَأْتِي وَلَا تُحَدِّثُ، وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي: مَا يَكُونُ مِنْكَ إِتْيَانٌ فَلَا يَكُونُ حَدِيثٌ، وَكَذَلِكَ هَذَا لَا يَقَعُ مِنْهُمْ سُؤَالٌ الْبَتَّةَ فَلَا يَقَعُ إِلْحَاحٌ. وَنَبَّهَ عَلَى نَفْيِ الْإِلْحَاحِ دُونَ غَيْرِ الْإِلْحَاحِ لِقُبْحِ هَذَا الْوَصْفِ، وَلَا يُرَادُ بِهِ نَفْيُ هَذَا الْوَصْفِ وَحْدَهُ وَوُجُودُ غَيْرِهِ، لِأَنَّهُ كَانَ يَصِيرُ الْمَعْنَى الْأَوَّلُ وَإِنَّمَا يُرَادُ بِنَفْيِ مِثْلِ هَذَا الْوَصْفِ نَفْيُ الْمُتَرَتِّبَاتِ عَلَى الْمَنْفِيِّ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ نَفَى الْأَوَّلَ عَلَى سَبِيلِ الْعُمُومِ، فَتُنْفَى مُتَرَتِّبَاتُهُ، كَمَا أَنَّكَ إِذَا نَفَيْتَ الْإِتْيَانَ فَانْتَفَى الْحَدِيثُ، انْتَفَتْ جَمِيعُ مُتَرَتِّبَاتِ الْإِتْيَانِ مِنَ: الْمُجَالَسَةِ وَالْمُشَاهَدَةِ وَالْكَيْنُونَةِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ، وَلَكِنَّهُ نَبَّهَ بِذِكْرِ مُتَرَتِّبٍ وَاحِدٍ لِغَرَضٍ مَا عَنْ سَائِرِ الْمُتَرَتِّبَاتِ، وَتَشْبِيهُ الزَّجَّاجِ هَذَا الْمَعْنَى فِي الْآيَةِ، بِقَوْلِ الشَّاعِرِ:
عَلَى لَاحِبٍ لَا يُهْتَدَى بمناره إِنَّمَا هُوَ مُطْلَقَ انْتِفَاءِ الشَّيْئَيْنِ، أَيْ لَا سُؤَالَ وَلَا إِلْحَافَ. وَكَذَلِكَ: هَذَا لَا مَنَارَ وَلَا هِدَايَةَ، لَا أَنَّهُ مِثْلُهُ فِي خُصُوصِيَّةِ النَّفْيِ، إِذْ كَانَ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: لَا إِلْحَافَ، فَلَا سُؤَالَ، وَلَيْسَ تَرْكِيبُ الْآيَةِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، وَلَا يَصِحُّ: لَا إِلْحَافَ فَلَا سُؤَالَ، لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مَنْ نَفْيِ الْخَاصِّ نَفْيُ الْعَامِّ، كَمَا لَزِمَ مِنْ نَفْيِ الْمَنَارِ نَفْيُ الْهِدَايَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ بَعْضِ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 699
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست