responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 698
وَكَوْنُهَا لِلسَّبَبِ أَظْهَرُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَتَعَلَّقَ: مِنْ، بِأَغْنِيَاءَ، لِأَنَّ الْمَعْنَى يَصِيرُ إِلَى ضِدِّ الْمَقْصُودِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَعْنَى: حَالُهُمْ يَخْفَى على الجاهل به، فَيَظُنُّ أَنَّهُمْ أَغْنِيَاءُ، وَعَلَى تَعْلِيقِ: مِنْ، بِأَغْنِيَاءَ يَصِيرُ الْمَعْنَى: أَنَّ الْجَاهِلَ يَظُنُّ أَنَّهُمْ أَغْنِيَاءُ، وَلَكِنْ بِالتَّعَفُّفِ، وَالْغَنِيُّ بِالتَّعَفُّفِ فَقِيرٌ مِنَ الْمَالِ، وَأَجَازَ ابْنُ عَطِيَّةَ أَنْ تَكُونَ: مِنْ، لِبَيَانِ الْجِنْسِ، قَالَ: يَكُونُ التَّعَفُّفُ دَاخِلًا فِي الْمَحْسَبَةِ، أَيْ: أَنَّهُمْ لَا يَظْهَرُ لَهُمْ سُؤَالٌ، بَلْ هُوَ قَلِيلٌ. وَبِإِجْمَالٍ فَالْجَاهِلُ بِهِمْ مَعَ عِلْمِهِ بِفَقْرِهِمْ يَحْسَبُهُمْ أَغْنِيَاءَ عِفَّةٍ. فَمِنْ، لِبَيَانِ الْجِنْسِ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ.
انْتَهَى. وَلَيْسَ مَا قَالَهُ مِنْ أَنْ: مِنْ، هَذِهِ فِي هَذَا الْمَعْنَى لِبَيَانِ الْجِنْسِ الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ فِي بَيَانِ الْجِنْسِ، لِأَنَّ لَهَا اعْتِبَارًا عِنْدَ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْمَعْنَى لِمَنْ يَتَقَدَّرُ بِمَوْصُولٍ، وَمَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ يَحْصُلُ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، نَحْوَ: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ [1] التَّقْدِيرُ: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ الَّذِي هُوَ الْأَوْثَانُ. وَلَوْ قُلْتَ هُنَا: يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ الَّذِي هُوَ التَّعَفُّفُ، لَمْ يَصِحَّ هَذَا التَّقْدِيرُ، وَكَأَنَّهُ سَمَّى الْجِهَةَ الَّتِي هُمْ أَغْنِيَاءُ بِهَا بَيَانَ الْجِنْسِ، أَيْ: بَيَّنَتْ بِأَيِّ جِنْسٍ وَقَعَ غِنَاهُمْ بِالتَّعَفُّفِ، لَا غِنَى بِالْمَالِ. فَتُسَمَّى: مِنْ، الدَّاخِلَةُ عَلَى مَا يُبَيِّنُ جِهَةَ الْغِنَى لِبَيَانِ الْجِنْسِ، وَلَيْسَ الْمُصْطَلَحُ عَلَيْهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَهَذَا الْمَعْنَى يُؤَوَّلُ إِلَى أَنَّ مِنْ سَبَبِيَّةٌ، لَكِنَّهَا تَتَعَلَّقُ: بِأَغْنِيَاءَ، لَا: بيحسبهم، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ: يَحْسَبُهُمْ، جُمْلَةً حَالِيَّةً، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفَةً.
تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ الْخِطَابُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْمَعْنَى: أَنَّكَ تَعْرِفُ أَعْيَانَهُمْ بِالسِّيمَا الَّتِي تَدُلُّ عَلَيْهِمْ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: تَعْرِفُ فَقْرَهَمْ بِالسِّيمَا الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الْفَقْرِ، مِنْ: رَثَاثَةِ الْأَطْمَارِ، وَشُحُوبِ الْأَلْوَانِ لِأَجْلِ الْفَقْرِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ:
السِّيمَا الْخُشُوعُ وَالتَّوَاضُعُ، وَقَالَ السُّدِّيُّ: الْفَاقَةُ، وَالْجُوعُ فِي وُجُوهِهِمْ، وَقِلَّةُ النِّعْمَةِ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: رَثَاثَةُ أَثْوَابِهِمْ، وَصُفْرَةُ وُجُوهِهِمْ. وَقِيلَ: أَثَرُ السُّجُودِ، وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ، قَالَ:
لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُتَفَرِّغِينَ لِلْعِبَادَةِ، فَكَانَ الْأَغْلَبُ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةَ.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: هَذَا مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الصَّحَابَةِ كُلِّهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي حَقِّهِمْ: سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ [2] إِلَّا إِنْ كَانَ يَكُونُ أَثَرُ السُّجُودِ فِي هَؤُلَاءِ أَكْثَرَ، وَأَمَّا مَنْ فَسَّرَ السِّيمَا بِالْخُشُوعِ، فَالْخُشُوعُ مَحَلُّهُ الْقَلْبُ، وَيَشْتَرِكُ فِيهِ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ، وَالَّذِي يُفَرِّقُ بَيْنَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ ظَاهِرًا إِنَّمَا هُوَ: رَثَاثَةُ الْحَالِ، وَشُحُوبُ الْأَلْوَانِ. وَلِلصُّوفِيَّةِ فِي تَفْسِيرِ السيما

[1] سورة الحج: 22/ 30.
[2] سورة الفتح: 48/ 29.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 698
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست