responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 648
وَانْتِصَابُ: سَعْيًا، عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ الطُّيُورِ، أَيْ:
سَاعِيَاتٍ، وَرُوِيَ عَنِ الْخَلِيلِ: أَنَّ الْمَعْنَى يَأْتِينَكَ وَأَنْتَ تَسْعَى سَعْيًا. فَعَلَى هَذَا يَكُونَ مَصْدَرًا لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ، هُوَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الْكَافِ، وَكَانَ الْمَعْنَى: يَأْتِينَكَ وَأَنْتَ سَاعٍ إِلَيْهِنَّ، أَيْ يَكُونُ مِنْهُنَّ إِتْيَانٌ إِلَيْكَ، وَمِنْكَ سَعْيٌ إِلَيْهِنَّ، فَتَلْتَقِي بِهِنَّ. وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَقِيلَ: انْتَصَبَ: سَعْيًا، عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ لِأَنَّ السَّعْيَ وَالْإِتْيَانَ مُتَقَارِبَانِ.
وَرُوِيَ فِي قَصَصِ الْآيَةِ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ أَخَذَ هَذِهِ الطُّيُورَ وَذَكَاهَا وَقَطَعَهَا قِطَعًا صِغَارًا، وَجَمَعَ ذَلِكَ مَعَ الدَّمِ وَالرِّيشِ، وَجَعَلَ مِنْ ذَلِكَ الْمَجْمُوعِ الْمُخْتَلِطِ جُزْءًا عَلَى كُلِّ جَبَلٍ، وَوَقَفَ هُوَ مِنْ حَيْثُ يَرَى الأجزاء، وأمسك رؤوس الطَّيْرِ فِي يَدِهِ ثُمَّ قَالَ: تَعَالَيْنَ بِإِذْنِ اللَّهِ فَتَطَايَرَتْ تِلْكَ الْأَجْزَاءُ وَصَارَ الدَّمُ إِلَى الدَّمِ، وَالرِّيشُ إِلَى الرِّيشِ، حَتَّى الْتَأَمَتْ كما كانت أولا، وبقيت بلا رؤوس، ثُمَّ كَرَّرَ النِّدَاءَ فَجَاءَتْهُ سَعْيًا حَتَّى وُضِعَتْ أَجْسَادُهَا في رؤوسها، وَطَارَتْ بِإِذْنِ اللَّهِ.
وَزَادَ النَّحَاسُ: أَنَّ إِبْرَاهِيمَ: كَانَ إِذَا أَشَارَ إِلَى وَاحِدٍ مِنْهَا بِغَيْرِ رَأْسِهِ تَبَاعَدَ الطَّائِرُ، وَإِذَا أَشَارَ إِلَيْهِ بِرَأْسِهِ قَرُبَ مِنْهُ حَتَّى لَقِيَ كُلُّ طَائِرٍ رَأْسَهُ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: ذَبَحَهُنَّ وَنَحَزَ أَجَزَاءَهُنَّ فِي المنحاز، يعني الهاون لأرؤسهن، وَجَعَلَ ذَلِكَ الْمُخْتَلِطَ عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ عَلَى عَشَرَةِ جِبَالٍ، ثُمَّ جَعَلَ مَنَاقِيرَهُنَّ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، ثُمَّ دَعَاهُنَّ فَأَتَيْنَ سَعْيًا يَتَطَايَرُ اللَّحْمُ إِلَى اللَّحْمِ، وَالرِّيشُ إِلَى الرِّيشِ، وَالْجِلْدُ إِلَى الْجِلْدِ، بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَأَجْمَعَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ قَطَعَ أَعْضَاءَهَا وَلُحُومَهَا وَرِيشَهَا وَخَلَطَ بعضها ببعص مَعَ دِمَائِهَا، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ أَبُو مُسْلِمٍ، وَقَالَ: لَمَّا طَلَبَ إِبْرَاهِيمُ إِحْيَاءَ الْمَيِّتِ مِنَ اللَّهِ، أَرَاهُ مِثَالًا قَرَّبَ بِهِ الْأَمْرَ عَلَيْهِ، والمراد: بصرهنّ إِلَيْكَ: أَمِلْهُنَّ، وَمُرْ بِهِنَّ عَلَى الْإِجَابَةِ بِحَيْثُ يَصِرْنَ إِذَا دَعَوْتَهُنَّ أَجَبْنَكَ، فَإِذَا صِرْنَ كَذَلِكَ فَاجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ وَاحِدًا مِنْهَا حَالَ حَيَاتِهِ، ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا.
وَالْغَرَضُ مِنْهُ ذِكْرُ مِثَالٍ مَحْسُوسٍ فِي عَوْدِ الْأَرْوَاحِ إِلَى الْأَجْسَادِ عَلَى سَبِيلِ السُّهُولَةِ، وَأَنْكَرَ الْقَوْلَ بِالتَّقْطِيعِ، قَالَ: لِأَنَّ الْمَشْهُورَ فِي اللُّغَةِ فِي: فَصُرْهُنَّ، أَمْلِهُنَّ. وَأَمَّا التَّقْطِيعُ وَالذَّبْحُ، فَلَيْسَ فِي اللَّفْظِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَبِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَعْنَى: قَطِّعْهُنَّ، لَمْ يَقُلْ: إِلَيْكَ، وَتَعْلِيقُهُ: بِخُذْ، خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَبِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي: ثُمَّ ادْعُهُنَّ، وَفِي يَأْتِينَكَ عَائِدٌ إِلَيْهَا لَا إِلَى الْأَجْزَاءِ وَعَوْدُهُ عَلَى الْأَجْزَاءِ الْمُتَفَرِّقَةِ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَلَا دَلِيلَ فِيمَا ذُكِرَ، وَاحْتَجَّ الْأَوَّلُ بِإِجْمَاعِ الْمُفَسِّرِينَ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَ أَبِي مُسْلِمٍ عَلَى التَّقْطِيعِ، وَبِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ غَيْرُ مُخْتَصٍّ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 648
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست