responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 647
نَفْسِكَ، فَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ ليتأمل أشكالها وهيئاتها وحلالها لِئَلَّا يَلْتَبِسَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِحْيَاءِ وَلَا يَتَوَهَّمُ أَنَّهَا غَيْرُ تِلْكَ.
ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً الْعُمُومُ فِي كُلِّ جَبَلٍ مُخَصَّصٍ بِوَصْفٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: يَلِيكَ، أَوْ: بِحَضْرَتِكَ، دُونَ مُرَاعَاةِ عَدَدٍ. قَالَهُ مُجَاهِدٌ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ أُمِرَ أَنْ يَجْعَلَ عَلَى كُلِّ رُبْعٍ مِنْ أَرْبَاعِ الدُّنْيَا، وَهُوَ بَعِيدٌ. وَخُصِّصَتِ الْجِبَالُ بِعَدَدِ الْأَجْزَاءِ، فَقِيلَ: أَرْبَعَةٌ، قَالَهُ قَتَادَةُ، وَالرَّبِيعُ، وَقِيلَ: سَبْعَةٌ، قَالَهُ السُّدِّيُّ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَقِيلَ: عَشَرَةٌ، قَالَه أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْوَزِيرُ الْمَغْرِبِيُّ، وَقَالَ عَنْهُ فِي رَجُلٍ أَوْصَى بِجُزْءٍ مِنْ مَالِهِ: إِنَّهُ الْعُشْرُ، إِذْ كَانَتْ أَشْلَاءُ الطُّيُورِ عَشَرَةً.
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أُمِرَ أَنْ يَجْعَلَ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ ثَلَاثَةً مِمَّا يُشَاهِدُهُ بَصَرُهُ، بِحَيْثُ يَرَى الْأَجْزَاءَ، وَكَيْفَ تَلْتَئِمُ إِذَا دَعَا الطُّيُورَ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ جُزْءًا بِإِسْكَانِ الزَّايِ وَبِالْهَمْزِ، وَضَمَّ أَبُو بَكْرٍ: الزَّايَ، وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ، جُزًّا، بِحَذْفِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الزَّايِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ حِينَ حَذَفَ ضَعَّفَ الزَّايَ، كَمَا يَفْعَلُ فِي الْوَقْفِ، كَقَوْلِكَ: هَذَا فَرْجٌ ثُمَّ أَجْرَى مَجْرَى الْوَقْفِ.
وَ: اجْعَلْ، هُنَا يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى: أَلْقِ، فَيَتَعَدَّى لِوَاحِدٍ، وَيَتَعَلَّقُ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ. بِاجْعَلْ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى: صَيَّرَ، فَيَتَعَدَّى إِلَى اثْنَيْنِ، وَيَكُونُ الثَّانِي عَلَى كُلِّ جَبَلٍ، فَيَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ.
ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً أَمَرَهُ بِدُعَائِهِنَّ وَهُنَّ أَمْوَاتٌ، لِيَكُونَ أَعْظَمَ لَهُ فِي الْآيَةِ، وَلِتَكُونَ حَيَاتُهَا مُتَسَبِّبَةً عَنْ دُعَائِهِ، وَلِذَلِكَ رَتَّبَ عَلَى دُعَائِهِ إِيَّاهُنَّ إِتْيَانَهُنَّ إِلَيْهِ، وَالسَّعْيُ هُوَ:
الْإِسْرَاعُ فِي الشَّيْءِ.
وَقَالَ الْخَلِيلُ: لَا يُقَالُ سَعَى الطَّائِرُ، يَعْنِي عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ، فَيُقَالُ: وَتَرْشِيحُهُ هُنَا هُوَ أَنَّهُ لَمَّا دَعَاهُنَّ فَأَتَيْنَهُ تَنَزَّلْنَ مَنْزِلَةَ الْعَاقِلِ الَّذِي يُوصَفُ بِالسَّعْيِ، وَكَانَ إِتْيَانُهُنَّ مُسْرِعَاتٍ فِي الْمَشْيِ أَبْلَغَ فِي الْآيَةِ، إِذْ إِتْيَانُهُنَّ إِلَيْهِ مِنَ الْجِبَالِ يَمْشِينَ مُسْرِعَاتٍ هُوَ عَلَى خِلَافِ الْمَعْهُودِ لَهُنَّ مِنَ الطَّيَرَانِ، وَلِيُظْهِرَ بِذَلِكَ عِظَمَ الْآيَةِ، إِذْ أَخْبَرَهُ أَنَّهُنَّ يَأْتِينَ عَلَى خِلَافِ عَادَتِهِنَّ مِنَ الطَّيَرَانِ، فَكَانَ كَذَلِكَ. وَجَعَلَ سَيْرَهُنَّ إِلَيْهِ سَعْيًا، إِذْ هُوَ مِشْيَةُ الْمُجِدِّ الرَّاغِبِ فِيمَا يَمْشِي إِلَيْهِ، لِإِظْهَارِ جِدِّهَا فِي قَصْدِ إِبْرَاهِيمَ، وَإِجَابَةِ دَعْوَتِهِ.

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 647
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست