responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 48
وَخَتَمَ هَذَا بِقَوْلِهِ: وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ، وَهُوَ ذِكْرُ عَامٍّ بَعْدَ خَاصٍّ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ وَلَا الْحِكْمَةَ. وَفَسَّرَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِي لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ: قَصَصُ مَنْ سَلَفَ، وَقَصَصُ مَا يَأْتِي مِنَ الْغُيُوبِ. وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ قَدَّمَ التَّزْكِيَةَ عَلَى التَّعْلِيمِ، وَفِي دُعَاءِ إِبْرَاهِيمَ قَدَّمَ التَّعْلِيمَ عَلَى التَّزْكِيَةِ، وَذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الْمُرَادِ بِالتَّزْكِيَةِ.
فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا هُوَ التَّطْهِيرُ مِنَ الْكُفْرِ، كَمَا شَرَحْنَاهُ، وَهُنَاكَ هُوَ الشَّهَادَةُ بِأَنَّهُمْ خِيَارٌ أَزْكِيَاءُ، وَذَلِكَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ تَعْلِيمِ الشَّرَائِعِ وَالْعَمَلِ بِهَا. فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ: أَيِ اذْكُرُونِي بِالطَّاعَةِ، أَذْكُرْكُمْ بِالثَّوَابِ وَالْمَغْفِرَةِ، قَالَهُ ابْنُ جُبَيْرٍ، أَوْ بِالدُّعَاءِ وَالتَّسْبِيحِ وَنَحْوِهِ، قَالَهُ الرَّبِيعُ وَالسُّدِّيُّ.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ: يَقُولُ اللَّهُ يَا ابْنَ آدَمَ اذْكُرْنِي بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ سَاعَةً، وَبَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ سَاعَةً، وَأَنَا أَكْفِيكَ مَا بَيْنَهُمَا، أَوِ اثْنُوا عَلَيَّ، أُثْنِ عَلَيْكُمْ.
وَقَدْ جَاءَ هَذَا الْمَعْنَى فِي الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ فِي
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ» .
وَفِيهِ: مَا يَقُولُ عِبَادِي؟ قَالُوا: «يُسَبِّحُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيُمَجِّدُونَكَ» .
وَقِيلَ: هُوَ عَلَى حَذْفِ مضاف، أي اذْكُرُوا نِعْمَتِي أَذْكُرْكُمْ بِالزِّيَادَةِ. وَقَدْ جَاءَ التَّصْرِيحُ بِالنِّعْمَةِ فِي قَوْلِهِ: اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ. وَقِيلَ: الذِّكْرُ بِاللِّسَانِ وَبِالْقَلْبِ عِنْدَ الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي. وَقِيلَ: اذْكُرُونِي بِتَوْحِيدِي وَتَصْدِيقِ نَبِيِّي. وَقِيلَ: بِمَا فَرَضْتُ عَلَيْكُمْ، أَوْ نَدَبْتُكُمْ إِلَيْهِ، أَذْكُرْكُمْ، أَيْ أُجَازِكُمْ عَلَى ذَلِكَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى هَذَا، وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدٍ، فَاذْكُرُونِي بِالطَّاعَةِ أَذْكُرْكُمْ بِالثَّوَابِ. وَقِيلَ:
فَاذْكُرُونِي فِي الرَّخَاءِ بِالطَّاعَةِ وَالدُّعَاءِ، أَذْكُرْكُمْ فِي الْبَلَاءِ بِالْعَطِيَّةِ وَالنَّعْمَاءِ، قَالَهُ ابْنُ بحر.
وَقِيلَ: اذْكُرُونِي بِالسُّؤَالِ أَذْكُرْكُمْ بِالنَّوَالِ، أَوِ اذْكُرُونِي بِالتَّوْبَةِ أَذْكُرْكُمْ بِالْعَفْوِ عَنِ الْحَوْبَةِ، أَوِ اذْكُرُونِي فِي الدُّنْيَا أَذْكُرْكُمْ فِي الْآخِرَةِ، أَوِ اذْكُرُونِي فِي الْخَلَوَاتِ أَذْكُرْكُمْ فِي الْفَلَوَاتِ، أَوِ اذْكُرُونِي بِمَحَامِدِي أَذْكُرْكُمْ بِهِدَايَتِي، أَوِ اذْكُرُونِي بِالصِّدْقِ وَالْإِخْلَاصِ أَذْكُرْكُمْ بِالْخَلَاصِ وَمَزِيدِ الِاخْتِصَاصِ، أَوِ اذْكُرُونِي بِالْمُوَافَقَاتِ أَذْكُرْكُمْ بِالْكَرَامَاتِ، أَوِ اذْكُرُونِي بِتَرْكِ كُلِّ حَظٍّ أَذْكُرْكُمْ بِأَنْ أُقِيمَكُمْ بِحَقِّي بَعْدَ فَنَائِكُمْ عَنْكُمْ، أَوِ اذْكُرُونِي بِقَطْعِ الْعَلَائِقِ أَذْكُرْكُمْ بِنَعْتِ الْحَقَائِقِ، أَوِ اذْكُرُونِي لِمَنْ لَقِيتُمُوهُ أَذْكُرْكُمْ لِكُلِّ مَنْ خَاطَبْتُهُ، قَالَ: وَمَنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَأٍ خَيْرٍ مِنْهُ، أَوِ اذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ، أَحِبُّونِي أُحِبُّكُمْ، أَوِ اذْكُرُونِي بِالتَّذَلُّلِ أَذْكُرْكُمْ بِالتَّفَضُّلِ، أَوِ اذْكُرُونِي بِقُلُوبِكُمْ أَذْكُرْكُمْ بِتَحْقِيقِ مَطْلُوبِكُمْ، أَوِ اذْكُرُونِي عَلَى الْبَابِ مِنْ حَيْثُ الْخِدْمَةِ أَذْكُرْكُمْ عَلَى بِسَاطِ الْقُرْبِ بِإِكْمَالِ النِّعْمَةِ، أَوِ اذْكُرُونِي بتصفية السر أَذْكُرْكُمْ بِتَوْفِيَةِ الْبِرِّ، أَوِ اذْكُرُونِي فِي حَالِ سُرُورِكُمْ أَذْكُرْكُمْ فِي قُبُورِكُمْ، أَوِ اذْكُرُونِي وَأَنْتُمْ بِوَصْفِ السَّلَامَةِ أَذْكُرْكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَوْمَ لَا تَنْفَعُ النَّدَامَةُ، أَوِ اذكروني بالرهبة أذكركم بِالرَّغْبَةِ. وَقَالَ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 48
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست