responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 396
اللَّائِحِ، لِيَكُونَ أَضْبَطَ لِمَا أَتَوْا بِهِ مِنَ الشَّرَائِعِ، لأن ما جاؤا بِهِ مِمَّا لَيْسَ فِي كِتَابٍ يُقْرَأُ وَيُدَرَّسُ عَلَى مَرِّ الْأَعْصَارِ، وَرُبَّمَا يَذْهَبُ بِذَهَابِهِمْ، فَإِذَا كَانَ مَا شُرِعَ لَهُمْ مُخَلَّدًا فِي الطُّرُوسِ كَانَ أَبْقَى، وَإِنَّ ثَمَرَةَ الْكُتُبِ هِيَ الْفَصْلُ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا وَقَعَ فِيهِ اخْتِلَافُهُمْ مِنْ أَمْرِ عَقَائِدِهِمْ، وَتَكَالِيفِهِمْ، وَمَصَالِحِ دُنْيَاهُمْ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ مَا اخْتَلَفَ فِيمَا اخْتُلِفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ، أَيْ: أُوتُوا الْكِتَابَ، وَوَصَلَ إِلَيْهِمْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَذَلِكَ بَعْدَ وُضُوحِ الْآيَاتِ وَمَجِيئِهَا لَهُمْ، فَكَأَنَّ مَا سَبِيلُهُ إِلَى الْهِدَايَةِ وَالْفَصْلِ فِي الِاخْتِلَافِ عِنْدَ هَؤُلَاءِ سَبَبًا لِلِاخْتِلَافِ، فَرَتَّبُوا عَلَى مَجِيءِ الشَّيْءِ الْوَاضِحِ ضِدَّ مُقْتَضَاهُ، وَأَنَّ الْحَامِلَ عَلَى ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ الْبَغْيُ وَالظُّلْمُ الَّذِي صَارَ بَيْنَهُمْ، ثُمَّ هَدَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ لِاتِّبَاعِ الْحَقِّ الَّذِي اخْتَلَفَ فِيهِ مَنِ اخْتَلَفَ، وَذَلِكَ بِتَيْسِيرِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُمْ، ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ سَابِقَةِ اسْتِحْقَاقٍ، بَلْ هِدَايَتُهُ إِيَّاهُمُ الْحَقَّ هُوَ بِتَمْكِينِهِ تَعَالَى لِذَلِكَ.
ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى أَنَّ الْهِدَايَةَ لِلصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ إِنَّمَا تَكُونُ لِمَنْ شَاءَ تَعَالَى هِدَايَتَهُ، ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى مُخَاطِبًا لِلْمُؤْمِنِينَ، إِذْ كَانَ قَدْ أَخْبَرَ بِبِعْثَةِ الرُّسُلِ بِالتَّكَالِيفِ الشَّرْعِيَّةِ، أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ أَنْ تُنَالَ الرُّتْبَةُ الْعَالِيَةُ مِنَ الْفَوْزِ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ، وَلَمَّا يَقَعِ ابْتِلَاءٌ لَكُمْ كَمَا ابْتُلِيَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، ثُمَّ فَسَّرَ مَثَلَ الْمَاضِينَ بِأَنَّهُمْ مَسَّتُهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ، وَأَنَّهُمْ أُزْعِجُوا حَتَّى سَأَلُوا رَبَّهُمْ عَنْ وَقْتِ مَجِيءِ النَّصْرِ لِتَصْبِرَ نُفُوسُهُمْ عَلَى مَا ابْتَلَاهُمْ بِهِ، وَلِيَنْتَظِرُوا الْفَرَجَ مِنَ اللَّهِ عَنْ قُرْبٍ، فَأَجِيبُوا بِأَنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ وَمَا هُوَ قَرِيبٌ، فَالْحَاصِلُ: فَسَكَنَتْ نُفُوسُهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْإِزْعَاجِ بِانْتِظَارِ النَّصْرِ الْقَرِيبِ.
ثُمَّ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَمَّا يُنْفِقُونَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ؟ فَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ جِنْسَ مَا يُنْفِقُونَ وَلَا مِقْدَارَهُ، وَذَكَرَ مَصْرِفَ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ هُوَ الْأَهَمُّ فِي الْجَوَابِ، وَكَأَنَّهُ قِيلَ: أَيُّ شَيْءٍ يُنْفِقُونَ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ فَمَصْرِفُهُ لِأَقْرَبِ النَّاسِ إِلَيْكُمْ، وَهُمَا: الْوَالِدَانِ: اللَّذَانِ كَانَا سَبَبًا فِي إِيجَادِكَ وَتَرْبِيَتِكَ مِنْ لَدُنْ خُلِقْتَ إِلَى أَنْ صَارَ لَكَ شَيْءٌ مِنَ الدُّنْيَا، وَفِي الْحُنُوِّ عَلَيْكَ، ثُمَّ ذَكَرَ: الْأَقْرَبِينَ بِصِفَةِ التَّفْضِيلِ، لِأَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ يُشَارِكُونَكَ فِي النَّسَبِ، وَالْإِنْفَاقُ عَلَيْهِمْ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ، ثُمَّ ذَكَرَ الْيَتَامَى: وَهُمُ الَّذِينَ قَدْ تُوُفِّيَ آبَاؤُهُمْ فَلَيْسَ لَهُمْ مَنْ يَقُومُ بِمَصَالِحِهِمْ، فَالْإِنْفَاقُ عَلَيْهِمْ إِحْسَانٌ جَزِيلٌ، ثُمَّ ذَكَرَ: الْمَسَاكِينَ، وَهُمُ الَّذِينَ انْتَهَوْا، مِنَ الْفُقَرَاءِ، إِلَى حَالَةِ الْمَسْكَنَةِ، وَهِيَ عَدَمُ الْحَرَكَةِ وَالتَّصَرُّفِ فِي أَحْوَالِ الدُّنْيَا وَمَعَاشِهَا، ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى: أَنَّ مَا أَنْفَقْتُمْ فَاللَّهُ عَلِيمٌ بِهِ وَمُحْصِيهِ، فَيُجَازِي عَلَيْهِ وَيُثِيبُ.

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 396
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست