responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 336
بِالْوَجْهَيْنِ، وَوَقَفَ حَمْزَةُ عَلَيْهَا بِالتَّاءِ، وَوَقَفَ الْبَاقُونَ بِالْهَاءِ. فَأَمَّا وَقْفُ حَمْزَةَ بِالتَّاءِ فَيَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ.
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَقِفُ مِنَ الْعَرَبِ عَلَى: طَلْحَةَ، وَحَمْزَةَ، بِالتَّاءِ، كَالْوَصْلِ، وَهُوَ كَانَ الْقِيَاسَ دُونَ الْإِبْدَالِ. قَالَ:
دَارٌ لِسَلْمَى بَعْدَ حَوْلٍ قَدْ عَفَتْ ... بَلْ جَوْزِ تَيْهَاءَ كَظَهْرِ الْحَجَفَتْ
وَقَدْ حَكَى هَذِهِ اللُّغَةَ سِيبَوَيْهِ.
وَالْوَجْهُ الْآخَرُ: أَنْ تَكُونَ عَلَى نِيَّةِ الْإِضَافَةِ، كَأَنَّهُ نَوَى تَقْدِيرَ الْمُضَافِ إِلَيْهِ، فَأَرَادَ أَنْ يُعْلِمَ أَنَّ الْكَلِمَةَ مُضَافَةٌ، وَأَنَّ الْمُضَافَ إِلَيْهِ مُرَادٌ: كَإِشْمَامِ مَنْ أَشَمَّ الْحَرْفَ الْمَضْمُومَ فِي الْوَقْفِ لِيُعْلِمَ أَنَّ الضَّمَّةَ مُرَادَةٌ، وَفِي قوله: ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ إِشَارَةٌ إِلَى حُصُولِ أَفْضَلِ مَا عِنْدَ اللَّهِ لِلشُّهَدَاءِ، وَهُوَ رِضَاهُ تَعَالَى.
وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، فِي مُجَاوَرَةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ رَبَّهُمْ تَعَالَى، حِينَ يَسْأَلُهُمْ: هَلْ رَضِيتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: يَا رَبَّنَا كَيْفَ لَا نَرْضَى وَقَدْ أَدْخَلْتَنَا جَنَّتَكَ وَبَاعَدْتَنَا مِنْ نَارِكَ؟ فَيَقُولُ:
وَلَكُمْ عِنْدِي أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ، فيقولون: يَا رَبَّنَا، وَمَا أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُ: أَحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضَائِي فَلَا أَسْخَطُ عليكم بعده.
وَاللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ حَيْثُ كَلَّفَهُمْ بِالْجِهَادِ فَعَرَّضَهُمْ لِثَوَابِ الشُّهَدَاءِ، قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ وَقَالَ ابْنُ عطية: تَرْجِئَةٌ تَقْتَضِي الْحَضَّ عَلَى امْتِثَالِ مَا وَقَعَ بِهِ الْمَدْحُ فِي الْآيَةِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ تَخْوِيفٌ يَقْتَضِي التَّحْذِيرَ مِمَّا وَقَعَ بِهِ الذَّمُّ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الرَّأْفَةَ أَبْلَغُ مِنَ الرَّحْمَةِ.
وَالْعِبَادُ إِنْ كَانَ عَامًّا، فَرَأْفَتُهُ بِالْكَافِرِينَ إِمْهَالُهُمْ إِلَى انْقِضَاءِ آجَالِهِمْ، وَتَيْسِيرِ أَرْزَاقِهِمْ لَهُمْ، وَرَأْفَتُهُ بِالْمُؤْمِنِينَ تَهْيِئَتُهُ إِيَّاهُمْ لِطَاعَتِهِ، وَرَفْعُ دَرَجَاتِهِمْ فِي الْجَنَّةِ. وَإِنْ كَانَ خَاصًّا، وَهُوَ الْأَظْهَرُ، لِأَنَّهُ لَمَّا خَتَمَ الْآيَةَ بِالْوَعِيدِ مِنْ قَوْلِهِ: فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَكَانَ ذَلِكَ خَاصًّا بِأُولَئِكَ الْكُفَّارِ، خَتَمَ هَذِهِ بِالْوَعْدِ الْمُبَشِّرِ لَهُمْ بِحُسْنِ الثَّوَابِ، وَجَزِيلِ الْمَآبِ، وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِالرَّأْفَةِ الَّتِي هِيَ سَبَبٌ لِذَلِكَ، فَصَارَ ذَلِكَ كِنَايَةً عَنْ إِحْسَانِ اللَّهِ إِلَيْهِمْ، لِأَنَّ رَأْفَتَهُ بِهِمْ تَسْتَدْعِي جَمِيعَ أَنْوَاعِ الْإِحْسَانِ، وَلَوْ ذَكَرَ أَيَّ نَوْعٍ مِنَ الْإِحْسَانِ لَمْ يُفِدْ مَا أَفَادَهُ لَفْظُ الرَّأْفَةِ، وَلِذَلِكَ كَانَتِ الْكِنَايَةُ أَبْلَغَ، وَيَكُونُ إِذْ ذَاكَ فِي لَفْظِ: الْعِبَادِ، الْتِفَاتًا، إِذْ هُوَ خُرُوجٌ مِنْ ضَمِيرٍ غَائِبٍ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 336
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست