responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 335
وَالَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ وَكَانَ عَامًّا فِي الْمُنَافِقِ الَّذِي يُبْدِي خِلَافَ مَا أَضْمَرَ، نَاسَبَ أَنْ يُذْكَرَ قَسِيمَهُ عَامًّا مَنْ: يَبْذُلُ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ أَيِّ صَعْبٍ كَانَ، فَكَذَلِكَ الْمُنَافِقُ مُدَارٍ عَنْ نَفْسِهِ بِالْكَذِبِ وَالرِّيَاءِ، وَحَلَاوَةِ الْمَنْطِقِ، وَهَذَا بَاذِلٌ نَفْسَهُ لِلَّهِ وَلِمَرْضَاتِهِ.
وَتَنْدَرِجُ تِلْكَ الْأَقَاوِيلُ الَّتِي فِي الْآيَتَيْنِ تَحْتَ عُمُومِ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ، وَيَكُونُ ذِكْرُ مَا ذُكِرَ مِنْ تَعْيِينِ مَنْ عَيَّنَ إِنَّمَا هُوَ عَلَى نَحْوٍ مِنْ ضَرْبِ الْمِثَالَ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ السَّبَبُ خَاصًّا، وَالْمُرَادُ عُمُومُ اللَّفْظِ، وَلَمَّا طَالَ الْفَصْلُ هُنَا بَيْنَ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَالْقِسْمِ الثَّانِي، أَتَى فِي التَّقْسِيمِ الثَّانِي بِإِظْهَارِ الْمُقَسَّمِ مِنْهُ، فَقَالَ: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي بِخِلَافِ قَوْلِهِ:
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً فَإِنَّهُ لَمَّا قَرُبَ ذِكْرُ أَحَدِ الْقِسْمَيْنِ مِنَ القسم، أَضْمَرَ فِي الثَّانِي الْمُقَسَّمِ.
وَمَعْنَى يَشْرِي: يَبِيعُ، وَهُوَ سَائِغٌ فِي اللِّسَانِ، قَالَ تَعَالَى: وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ [1] قَالَ الشَّاعِرُ:
وَشَرَيْتُ بُرْدًا لَيْتَنِي ... مِنْ بَعْدِ بُرْدٍ كُنْتُ هَامَّهْ
وَيَشْرِي: عِبَارَةٌ عَنْ أَنْ يَبْذُلَ نَفْسَهُ فِي اللَّهِ، وَمِنْهُ تُسَمَّى الشُّرَاةُ، وَكَأَنَّهُمْ بَاعُوا أَنْفُسَهُمْ مِنَ اللَّهِ، وَقَالَ قَوْمٌ: شَرَى، بِمَعْنَى: اشْتَرَى، فَإِنْ كَانَتِ الْآيَةُ فِي صُهَيْبٍ فَهَذَا مَوْجُودٌ فِيهِ حَيْثُ اشْتَرَى نَفْسَهُ بِمَالِهِ وَلَمْ يَبِعْهَا.
وَانْتِصَابُ: ابْتِغَاءَ، عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مِنْ أَجْلِهِ، أَيِ الْحَامِلُ لَهُمْ عَلَى بَيْعِ أَنْفُسِهِمْ، إِنَّمَا هُوَ طَلَبُ رِضَى اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ مُسْتَوْفٍ لِشُرُوطِ الْمَفْعُولِ مِنْ أَجْلِهِ مِنْ كَوْنِهِ مَصْدَرًا مُتَّحِدَ الْفَاعِلِ وَالْوَقْتِ، وَهَذِهِ الْإِضَافَةُ، أَعْنِي: إِضَافَةَ الْمَفْعُولِ مِنْ أَجْلِهِ، هِيَ مَحْضَةٌ، خِلَافًا لِلْجَرْمِيِّ، وَالرِّيَاشِيِّ، وَالْمُبَرِّدِ، وَبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، فَإِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهَا إِضَافَةٌ غَيْرُ مَحْضَةٍ، وَهَذَا مَذْكُورٌ فِي كُتُبِ النَّحْوِ.
ومرضاة: مَصْدَرٌ بُنِيَ عَلَى التَّاءِ: كَمَدْعَاةٍ، وَالْقِيَاسُ تَجْرِيدُهُ عَنْهَا، كَمَا تَقُولُ: مَرْمًى وَمَغْزًى، وأمال الكسائي: مرضات، وَعَنْ وَرْشٍ خِلَافٌ فِي إمالة: مرضات، وقرأنا له

[1] سورة يوسف: 12/ 20.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 335
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست