responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 326
وَمَعْنَى إِعْجَابِ قَوْلِهِ اسْتِحْسَانُهُ لِمُوَافَقَةِ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْخَيْرِ، وَجَاءَ
فِي التِّرْمِذِيَّ: «أَنَّ فِي بَعْضِ كُتُبِ اللَّهِ إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ قَوْمًا ألسنتهم مِنَ الْعَسَلِ، وَقُلُوبُهُمْ أَمَرُّ مِنَ الصَّبْرِ»
، الْحَدِيثَ.
فِي الحياة: متعلق بقوله، أَيْ يُعْجِبُكَ مَقَالَتُهُ فِي مَعْنَى الدُّنْيَا، لِأَنَّ ادِّعَاءَهُ الْمَحَبَّةَ وَالتَّبَعِيَّةَ بِالْبَاطِلِ يَطْلُبُ بِهِ حَظًّا مِنْ حُظُوظِ الدُّنْيَا. وَلَا يُرِيدُ بِهِ الْآخِرَةَ، إِذْ لَا تُرَادُ الْآخِرَةُ إِلَّا بِالْإِيمَانِ الْحَقِيقِيِّ، وَالْمَحَبَّةِ الصَّادِقَةِ، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ، بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ هَذَا الْوَجْهَ: وَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِيُعْجِبُكَ أَيْ: قَوْلُهُ حُلْوٌ، فَيَصِحُّ: فِي الدُّنْيَا، فَهُوَ يُعْجِبُكَ وَلَا يُعْجِبُكَ فِي الْآخِرَةِ، لِمَا تَرْهَقُهُ فِي الْمَوْقِفِ مِنَ الْحُبْسَةِ وَاللُّكْنَةِ، أَوْ لِأَنَّهُ لَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فِي الْكَلَامِ، فَلَا يَتَكَلَّمُ حَتَّى يُعْجِبَكَ كَلَامُهُ. انْتَهَى. وَفِيهِ بُعْدٌ.
وَالَّذِي يظهر أنه متعلق بيعجبك لَا عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي قَالَهُ، وَالْمَعْنَى أَنَّكَ تَسْتَحْسِنُ مَقَالَتَهُ دَائِمًا فِي مُدَّةِ حَيَاتِهِ، إِذْ لَا يَصْدُرُ مِنْهُ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَا هُوَ مُعْجِبٌ رَائِقٌ لَطِيفٌ، فَمَقَالَتُهُ فِي الظَّاهِرِ مُعْجِبَةٌ دَائِمًا. أَلَا تَرَاهُ يعدل عن تِلْكَ الْمَقَالَةِ الْحَسَنَةِ الرَّائِقَةِ، إِلَى مَقَالَةٍ خَشِنَةٍ مُنَافِيَةٍ، وَمَعَ ذَلِكَ أَفْعَالُهُ مُنَافِيَةٌ لأقواله الظاهرة، وأقواله الباطلة مُخَالِفَةٌ أَيْضًا لِأَقْوَالِهِ الظَّاهِرَةِ؟
إِذْ لَا يُحْمَلُ قَوْلُهُ: يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ، وَقَوْلُهُ: وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ إِلَّا عَلَى حَالَتَيْنِ: فَهُوَ حُلْوُ الْمَقَالَةِ فِي الظَّاهِرِ، شَدِيدُ الْخُصُومَةِ فِي الْبَاطِنِ.
وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلى مَا فِي قَلْبِهِ قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْهَاءِ. وَنَصْبِ الْجَلَالَةِ مِنْ: أَشْهَدَ، وَقَرَأَ أَبُو حَيْوَةَ، وَابْنُ مُحَيْصِنٍ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالْهَاءِ وَرَفْعِ الْجَلَالَةِ، مِنْ شَهِدَ، وَقَرَأَ أُبَيٌّ، وَابْنُ مَسْعُودٍ: وَيُسْتَشْهِدُ اللَّهَ، وَالْمَعْنَى عَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ، وَتَفْسِيرِ الْجُمْهُورِ، أَنَّهُ يَحْلِفُ بِاللَّهِ وَيُشْهِدُهُ أَنَّهُ صَادِقٌ وَقَائِلٌ حَقًّا، وَأَنَّهُ مُحِبٌّ فِي الرَّسُولِ وَالْإِسْلَامِ، وَقَدْ جَاءَتِ الشَّهَادَةُ فِي مَعْنَى الْقَسَمِ فِي قِصَّةِ الْمُلَاعَنَةِ فِي سُورَةِ النُّورِ، قِيلَ: وَيَكُونُ اسْمُ اللَّهِ انْتَصَبَ بِسُقُوطِ حَرْفِ الْجَرِّ، وَالتَّقْدِيرُ: وَيُقْسِمُ بِاللَّهِ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ، وَهَذَا سَهْوٌ، لِأَنَّ الَّذِي يَكُونُ يُقْسَمُ بِهِ هُوَ الثُّلَاثِيُّ لَا الرُّبَاعِيُّ، تَقُولُ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ، وَلَا تَقُولُ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ.
وَالظَّاهِرُ عِنْدِي أَنَّ الْمَعْنَى: أَنَّهُ يُطْلِعُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ، ولا يعلم به أحدا لِشِدَّةِ تَكَتُّمِهِ وَإِخْفَائِهِ الْكُفْرَ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ: عَلى مَا فِي قَلْبِهِ، لِأَنَّ الَّذِي فِي قَلْبِهِ هُوَ خِلَافُ مَا أَظْهَرَ بِقَوْلِهِ.
وَعَلَى تَفْسِيرِ الْجُمْهُورِ يَحْتَاجُ إِلَى حَذْفِ مَا يَصِحُّ بِهِ الْمَعْنَى، أَيْ: وَيَحْلِفُ بِاللَّهِ عَلَى

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 326
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست