responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 325
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا نَزَلَتْ فِي الْأَخْنَسِ بْنِ شَرِيقٍ وَاسْمُهُ: أُبَيٌّ، وَكَانَ حُلْوَ اللِّسَانِ وَالْمَنْظَرِ، يُجَالِسُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُظْهِرُ حُبَّهُ، وَالْإِسْلَامَ، وَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ، فَكَانَ يُدْنِيهِ وَلَا يَعْلَمُ مَا أَضْمَرَ، وَكَانَ مِنْ ثَقِيفٍ حَلِيفًا لِبَنِي زُهْرَةَ، فَجَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ ثَقِيفٍ شَيْءٌ، فَبَيَّتَهُمْ لَيْلًا وَأَحْرَقَ زَرْعَهُمْ، وَأَهْلَكَ مَوَاشِيَهُمْ، قَالَهُ عَطَاءٌ، وَالْكَلْبِيُّ، وَمُقَاتِلٌ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: فَمَرَّ بِزَرْعٍ لِلْمُسْلِمِينَ وَحُمُرٍ، فَأَحْرَقَ الزَّرْعَ، وَغَفَرَ الْحُمُرِ، قِيلَ: وَفِيهِ نَزَلَتْ وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ [1] ووَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ [2] .
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فِي كُفَّارِ قُرَيْشٍ، أَرْسَلُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّا قَدْ أَسْلَمْنَا، فَابْعَثْ إِلَيْنَا مَنْ يُعَلِّمُنَا دِينَكَ، وَكَانَ ذَلِكَ مَكْرًا مِنْهُمْ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ خُبَيْبًا، ومرشدا، وَعَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ، وَابْنَ الدنية، وَغَيْرَهُمْ، وَتُسَمَّى: سَرِيَّةَ الرَّجِيعِ
، وَالرَّجِيعُ مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، فَقُتِلُوا، وَحَدِيثُهُمْ طَوِيلٌ مَشْهُورٌ فِي الصِّحَاحِ.
وَقَالَ قَتَادَةُ، وَابْنُ زَيْدٍ: نَزَلَتْ فِي كُلِّ مُنَافِقٍ أَظْهَرَ بِلِسَانِهِ مَا لَيْسَ فِي قَلْبِهِ.
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهَا فِي الْمُنَافِقِينَ، قَالُوا عَنْ سَرِيَّةِ الرَّجِيعِ: ويح هؤلاء ما فقدوا فِي بُيُوتِهِمْ، وَلَا أَدَّوْا رِسَالَةَ صَاحِبِهِمْ.
وَمُنَاسَبَةُ هَذِهِ الْآيَةِ لِمَا قَبْلَهَا هُوَ أَنَّهُ: لَمَّا قَسَّمَ السَّائِلِينَ اللَّهُ قَبْلُ إِلَى: مُقْتَصِرٍ عَلَى أَمْرِ الدُّنْيَا، وَسَائِلٍ حَسَنَةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَالْوِقَايَةَ مِنَ النَّارِ، أَتَى بِذِكْرِ النَّوْعَيْنِ هُنَا، فَذَكَرَ مِنَ النَّوْعِ الْأَوَّلِ مَنْ هُوَ حُلْوُ الْمَنْطِقِ، مُظْهِرُ الْوُدِّ، وَلَيْسَ ظَاهِرُهُ كَبَاطِنِهِ، وَعَطَفَ عَلَيْهِ مَنْ يَقْصِدُ رِضَى اللَّهِ تَعَالَى، وَيَبِيعُ نَفْسَهُ فِي طَلَبِهِ، وَقَدَّمَ هُنَا الْأَوَّلَ لِأَنَّهُ هُنَاكَ الْمُقَدَّمُ فِي قَوْلِهِ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا وَأَحَالَ هُنَا عَلَى إِعْجَابِ قَوْلِهِ دُونَ غَيْرِهِ، مِنَ الْأَوْصَافِ، لِأَنَّ الْقَوْلَ هُوَ الظَّاهِرُ مِنْهُ أَوَّلًا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا، فَكَانَ مِنْ حَيْثُ تَوَجُّهُهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي الدُّعَاءِ، يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى الدُّنْيَا، وَأَنْ سأل منه ما يُنَجِّيَهُ مِنْ عَذَابِهِ، وَكَذَلِكَ هَذَا الثَّانِي يَنْبَغِي أَنْ لَا يَقْتَصِرَ عَلَى حَلَاوَةِ مَنْطِقِهِ، بَلْ كَانَ يُطَابِقُ فِي سَرِيرَتِهِ لِعَلَانِيَتِهِ.
وَ: مَنْ، مِنْ قَوْلِهِ: مَنْ يُعْجِبُكَ، مَوْصُولَةٌ، وَقِيلَ: نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ، وَالْكَافُ فِي:
يُعْجِبُكَ، خِطَابٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ كَانَتْ نَزَلَتْ فِي مُعَيَّنٍ، كَالْأَخْنَسِ أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ خِطَابٌ لِمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا إِنْ كَانَتْ نَزَلَتْ فِي غَيْرِ مُعَيَّنٍ مِمَّنْ يُنَافِقُ قَدِيمًا أو حديثا.

[1] سورة القلم: 68/ 10.
[2] سورة الهمزة: 104/ 1.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 325
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست