responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 285
تُخَالِفُ سَائِرَ الْعَرَبِ، فَتَقِفُ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَسَائِرُ الْعَرَبِ يَقِفُونَ بِعَرَفَةَ، وَكَانُوا يُقَدِّمُونَ الْحَجَّ سَنَةً وَيُؤَخِّرُونَهُ سَنَةً، وَهُوَ النَّسِيءُ، فَرُدَّ إِلَى وَقْتٍ وَاحِدٍ، وَرُدَّ الْوُقُوفُ إِلَى عَرَفَةَ، فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ قَدِ ارْتَفَعَ الْخِلَافُ فِي الْحَجِّ.
وَاسْتُدِلَّ عَلَى أَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ هُوَ الرَّفَثُ وَالْفُسُوقُ دُونَ الْجِدَالِ،
بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ خَرَجَ كَهَيْئَةِ يَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ»
، وَأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرِ الْجِدَالَ. انْتَهَى كَلَامُهُ. وَفِيهِ تَعَقُّبَاتٌ.
الْأَوَّلُ: تَأْوِيلُهُ عَلَى أَبِي عَمْرٍو، وَابْنِ كَثِيرٍ أَنَّهُمَا حَمَلَا الْأَوَّلَيْنِ عَلَى مَعْنَى النَّهْيِ بِسَبَبِ الرَّفْعِ وَالثَّالِثَ عَلَى الْإِخْبَارِ بِسَبَبِ الْبِنَاءِ، وَالرَّفْعُ وَالْبِنَاءُ لَا يَقْتَضِيَانِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، بَلْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الرَّفْعِ وَالْبِنَاءِ فِي أَنَّ مَا كَانَا فِيهِ كَانَ مَبْنِيًّا، وَأَمَّا أَنَّ الرَّفْعَ يَقْتَضِي النَّهْيَ، وَالْبِنَاءَ يَقْتَضِي الْخَبَرَ فَلَا، ثُمَّ قِرَاءَةُ الثَّلَاثَةِ بِالرَّفْعِ وَقِرَاءَتُهَا كُلُّهَا بِالْبِنَاءِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، غَايَةُ مَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ قِرَاءَةَ الْبِنَاءِ نَصٌّ عَلَى الْعُمُومِ، وَقِرَاءَةَ الرَّفْعِ مُرَجِّحَةٌ لَهُ، فَقِرَاءَتُهُمَا الْأَوَّلَيْنِ بِالرَّفْعِ وَالثَّالِثَ بِالْبِنَاءِ عَلَى الْفَتْحِ إِنَّمَا ذَلِكَ سُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ إِذَا لَمْ يَتَأَدَّ ذَلِكَ إِلَيْهِمَا إِلَّا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مِنَ الْوُجُوهِ الْجَائِزَةِ فِي الْعَرَبِيَّةِ فِي مِثْلِ هَذَا التَّرْكِيبِ.
الثَّانِي: قَوْلُهُ: كَأَنَّهُ قِيلَ: وَلَا شَكَّ وَلَا خِلَافَ فِي الْحَجِّ، وَتَرْشِيحُ ذَلِكَ بِالتَّارِيخِ الَّذِي ذَكَرَهُ بِهَذَا التَّفْسِيرِ مُنَاقِضٌ لِمَا شَرَحَ هُوَ بِهِ الْجِدَالَ، لِأَنَّهُ قَالَ قَبْلُ: وَلَا جِدَالَ وَلَا مِرَاءَ مَعَ الرُّفَقَاءِ وَالْخَدَمِ وَالْمُكَارِينَ. وَهَذَا التَّفْسِيرُ فِي الْجِدَالِ مُخَالِفٌ لِذَلِكَ التَّفْسِيرِ.
الثَّالِثُ: أَنَّ التَّارِيخَ الَّذِي ذَكَرَهُ هُوَ قَوْلَانِ فِي تَفْسِيرِ: وَلَا جِدَالَ، لِلْمُتَقَدِّمِينَ.
اخْتِلَافُهُمْ: فِي الْمَوْقِفِ: لِابْنِ زَيْدٍ، وَمَالِكٍ، وَالنَّسِيءِ: لِمُجَاهِدٍ، فَجَعَلَهُمَا هُوَ شَيْئًا وَاحِدًا سَبَبًا لِلْإِخْبَارِ أَنْ لَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ.
الرَّابِعُ: قَوْلُهُ وَاسْتُدِلَّ عَلَى أَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ هُوَ الرَّفَثُ وَالْفُسُوقُ دُونَ الْجِدَالِ إِلَى آخِرِ كَلَامِهِ، وَلَا دَلِيلَ فِي ذَلِكَ، لِأَنَّ الْجِدَالَ إِنْ كَانَ مِنْ بَابِ الْمَحْظُورِ فَقَدِ انْدَرَجَ فِي قَوْلِهِ:
وَلا فُسُوقَ لِعُمُومِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ بَابِ الْمَكْرُوهِ وَتَرْكِ الْأَوْلَى، فَلَا يُجْعَلُ ذَلِكَ شَرْطًا فِي غُفْرَانِ الذُّنُوبِ، فَلِذَلِكَ رَتَّبَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُفْرَانَ الذُّنُوبِ عَلَى النَّهْيِ عَنْ مَا يُفْسِدُ الْحَجَّ مِنَ الْمَحْظُورِ فِيهِ، الْجَائِزِ فِي غَيْرِ الْحَجِّ، وَهُوَ الْجِمَاعُ الْمُكَنَّى عَنْهُ بِالرَّفَثِ وَمِنَ الْمَحْظُورِ الْمَمْنُوعِ مِنْهُ مُطْلَقًا فِي الْحَجِّ وَفِي غَيْرِهِ، وَهُوَ مَعْصِيَةُ اللَّهِ الْمُعَبَّرُ عَنْهَا بِالْفُسُوقِ، وَجَاءَ قَوْلُهُ:
وَلَا جِدَالَ، مِنْ بَابِ التَّتْمِيمِ لِمَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ الْحَاجُّ، مِنْ: إِفْرَاغِ أَعْمَالِهِ لِلْحَجِّ،

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 2  صفحه : 285
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست