responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 529
مِنْهُمَا، وَلَكِنْ يَتَعَلَّقَانِ بِالشَّيَاطِينِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا فِي رَفْعِ الشَّيَاطِينِ وَنَصْبِهِ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَالزُّهْرِيُّ: هَارُوتُ وَمَارُوتُ بِالرَّفْعِ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَا خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ هُمَا هَارُوتُ وَمَارُوتُ، إِنْ كَانَا مَلَكَيْنِ. وَجَازَ أَنْ يَكُونَا بَدَلًا مِنَ الشَّيَاطِينِ، الْأَوَّلِ أَوِ الثَّانِي، عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ رَفَعَهُ، إِنْ كَانَا شَيْطَانَيْنِ. وَتَقَدَّمَ لَنَا الْقَوْلُ فِي هَارُوتَ وَمَارُوتَ، وَأَنَّهُمَا أَعْجَمِيَّانِ.
وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُمَا مُشْتَقَّانِ مِنَ الْهَرْتِ وَالْمَرْتِ، وَهُوَ الْكَسْرُ، وَقَوْلُهُ خَطَأٌ، بِدَلِيلِ مَنْعِهِمُ الصَّرْفَ لَهُمَا، وَلَوْ كَانَا، كَمَا زَعَمَ، لَانْصَرَفَا، كَمَا انْصَرَفَ جَامُوسٌ إِذَا سَمَّيْتَ بِهِ.
وَاخْتُصَّتْ بَابِلُ بِالْإِنْزَالِ لِأَنَّهَا كَانَتْ أَكْثَرَ الْبِلَادِ سِحْرًا.
وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ: قَرَأَ الْجُمْهُورُ: بِالتَّشْدِيدِ، مِنْ عَلَّمَ عَلَى بَابِهَا مِنَ التَّعْلِيمِ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هُوَ هُنَا بِمَعْنَى يُعَلِّمَانِ التَّضْعِيفُ، وَالْهَمْزَةُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، فَهُوَ مِنْ بَابِ الْإِعْلَامِ، وَيُؤَيِّدُهُ قِرَاءَةُ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ. وَمَا يُعَلِّمَانِ: مِنْ أَعْلَمَ قَالَ: لِأَنَّ الْمَلَكَيْنِ إِنَّمَا نَزَلَا يُعَلِّمَانِ السِّحْرَ وَيَنْهَيَانِ عَنْهُ. وَالضَّمِيرُ فِي يُعَلِّمَانِ عَائِدٌ عَلَى الْمَلَكَيْنِ، أَيْ وَمَا يُعَلِّمُ الْمَلَكَانِ. وَكَذَلِكَ قِرَاءَةُ أُبَيٍّ، أَيْ بِإِظْهَارِ الْفَاعِلِ لَا إِضْمَارِهِ. وَقِيلَ: عَائِدٌ عَلَى هَارُوتَ وَمَارُوتَ، فَفِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَكُونُ عَائِدًا عَلَى الْمُبْدَلِ مِنْهُ، وَفِي الثَّانِي عَلَى الْبَدَلِ، وَمِنْ زَائِدَةٌ لِتَأْكِيدِ اسْتِغْرَاقِ الْجِنْسِ، لِأَنَّ أَحَدًا مِنَ الْأَلْفَاظِ الْمُسْتَعْمَلَةِ لِلِاسْتِغْرَاقِ فِي النَّفْيِ الْعَامِّ، فَزِيدَتْ هُنَا لِتَأْكِيدِ ذَلِكَ، بِخِلَافِ قَوْلِكَ: مَا قَامَ مِنْ رَجُلٍ، فَإِنَّهَا زِيدَتْ لِاسْتِغْرَاقِ الْجِنْسِ، وَشَرْطُ زِيَادَتِهَا هُنَا مَوْجُودٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْبَصْرِيِّينَ، لِأَنَّهُمْ شَرَطُوا أَنْ يَكُونَ بَعْدَهَا نَكِرَةٌ، وَأَنْ يَكُونَ قَبْلَهَا غَيْرُ وَاجِبٍ. وَقَدْ أَمْعَنَّا الْكَلَامَ عَلَى زِيَادَةِ مِنْ فِي (كِتَابِ مَنْهَجِ السَّالِكِ) مِنْ تَأْلِيفِنَا، وَأَجَازَ أَبُو الْبَقَاءِ أَنْ يَكُونَ أحد هنا بمعنى واحد، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ. حَتَّى يَقُولا: حَتَّى هُنَا: حَرْفُ غَايَةٍ، وَالْمَعْنَى انْتِفَاءُ تَعْلِيمِهِمَا، أَوْ إِعْلَامِهِمَا عَلَى اخْتِلَافِ الْقَوْلَيْنِ فِي يُعَلِّمَانِ إِلَى أَنْ يَقُولَا: إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ. وَقَالَ أَبُو الْبَقَاءِ: حَتَّى هُنَا بِمَعْنَى إِلَّا أَنْ، وَهَذَا مَعْنًى لِحَتَّى لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ ذَكَرَهُ. وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ مَالِكٍ فِي (التَّسْهِيلِ) وَأَنْشَدَ عَلَيْهِ فِي غَيْرِهِ:
لَيْسَ الْعَطَاءُ مِنَ الْفُضُولِ سَمَاحَةً ... حَتَّى تَجُودَ وَمَا لَدَيْكَ قَلِيلُ
قَالَ: يُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَجُودَ، وَمَا فِي إِنَّما كَافَّةٌ، لِإِنَّ عَنِ الْعَمَلِ، فَيَصِيرُ مِنْ حُرُوفِ الِابْتِدَاءِ. وَقَدْ أَجَازَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ عَمَلَ إِنَّ مَعَ وُجُودِ مَا، نَحْوُ: إِنَّمَا زيدا قَائِمٌ. نَحْنُ فِتْنَةٌ: أَيِ ابْتِلَاءٌ وَاخْتِبَارٌ.
فَلا تَكْفُرْ:
قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَانَا يُعَلِّمَانِ تَعْلِيمَ إِنْذَارٍ لَا تَعْلِيمَ دُعَاءٍ إِلَيْهِ
،

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 529
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست