responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 528
يُعَذَّبَانِ. وَذَكَرُوا فِي كَيْفِيَّةِ عَذَابِهِمَا اخْتِلَافًا. وَهَذَا كُلُّهُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ شَيْءٌ. وَالْمَلَائِكَةُ مَعْصُومُونَ، لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ، وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [1] ، لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ [2] ، يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لَا يَفْتُرُونَ. وَلَا يَصِحُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَلْعَنُ الزُّهْرَةَ وَلَا ابْنَ عُمَرَ. وَقِيلَ: سَبَبُ إِنْزَالِ الْمَلَكَيْنِ: أَنَّ السَّحَرَةَ كَثُرُوا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ، وَادَّعَوُا النُّبُوَّةَ، وَتَحَدَّوُا النَّاسَ بِالسِّحْرِ. فَجَاءَا لِيُعَلِّمَا النَّاسَ السِّحْرَ، فَيَتَمَكَّنُوا مِنْ مُعَارَضَةِ السِّحْرِ، فَيَتَبَيَّنَ كَذِبُهُمْ فِي دَعْوَاهُمُ النُّبُوَّةَ، أَوْ لِأَنَّ الْمُعْجِزَةَ وَالسِّحْرَ مَاهِيَّتَانِ مُتَبَايِنَتَانِ، وَيَعْرِضُ بَيْنَهُمَا الالتباس. فجاء الإيضاح الْمَاهِيَّتَيْنِ، أَوْ لِأَنَّ السِّحْرَ الَّذِي يُوقِعُ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ أَعْدَاءِ اللَّهِ وَأَوْلِيَائِهِ كَانَ مُبَاحًا، أَوْ مَنْدُوبًا، فَبُعِثَا لِذَلِكَ، ثُمَّ اسْتَعْمَلَهُ الْقَوْمُ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ. أَوْ لِأَنَّ الْجِنَّ كَانَ عِنْدَهُمْ مِنْ أَنْوَاعِ السِّحْرِ مَا لَمْ تَقْدِرِ الْبَشَرُ عَلَى مِثْلِهِ، فَأُنْزِلَا بِذَلِكَ لِأَجْلِ الْمُعَارَضَةِ. وَقِيلَ: أُنْزِلَا عَلَى إِدْرِيسَ، لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا يَكُونُونَ رُسُلًا لِكَافَّةِ النَّاسِ، وَلَا بُدَّ مِنْ رَسُولٍ مِنَ الْبَشَرِ.
بِبابِلَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: هِيَ فِي سَوَادِ الْكُوفَةِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: هِيَ مِنْ نَصِيبِينَ إِلَى رَأْسِ الْعَيْنِ. وَقِيلَ: هِيَ جَبَلُ دَمَاوَنْدَ. وَقِيلَ: هِيَ بِالْمَغْرِبِ. وَقِيلَ: فِي أَرْضٍ غَيْرِ مَعْلُومَةٍ، فِيهَا هَارُوتُ وَمَارُوتُ، وَسُمِّيَتْ بِبَابِلَ، قَالَ الْخَلِيلُ: لِتَبَلْبُلِ الْأَلْسِنَةِ حِينَ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُخَالِفَ بَيْنَهَا، أَتَتْ رِيحٌ فَحَشَرَتِ النَّاسَ إِلَى بَابِلَ، فَلَمْ يَدْرِ أَحَدٌ مَا يَقُولُ الْآخَرُ، ثُمَّ فَرَّقَتْهُمُ الرِّيحُ فِي الْبِلَادِ. وَقِيلَ: لِتَبَلْبُلِ الْأَلْسِنَةِ بِهَا عِنْدَ سُقُوطِ قَصْرِ نَمْرُوذَ. هارُوتَ وَمارُوتَ: قَرَأَ الْجُمْهُورُ: بِفَتْحِ التَّاءِ، وَهُمَا بَدَلٌ مِنَ الْمَلَكَيْنِ، وَتَكُونُ الْفَتْحَةُ عَلَامَةً لِلْجَرِّ لِأَنَّهُمَا لَا يَنْصَرِفَانِ، وَذَلِكَ إِذَا قُلْنَا إِنَّهُمَا اسْمَانِ لَهُمَا. وَقِيلَ: بَدَلٌ مِنَ النَّاسِ، فَتَكُونُ الْفَتْحَةُ عَلَامَةً لِلنَّصْبِ، وَلَا يَكُونُ هَارُوتُ وَمَارُوتُ اسْمَيْنِ لِلْمَلَكَيْنِ. وَقِيلَ: هُمَا قَبِيلَتَانِ مِنَ الشَّيَاطِينِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونَانِ بَدَلًا مِنَ الشَّيَاطِينِ، وَتَكُونُ الْفَتْحَةُ عَلَامَةً لِلنَّصْبِ، عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ نَصَبَ الشَّيَاطِينَ. وَأَمَّا مَنْ رَفَعَ الشَّيَاطِينَ، فَانْتِصَابُهُمَا عَلَى الذَّمِّ، كَأَنَّهُ قَالَ: أَذُمُّ هَارُوتَ وَمَارُوتَ، أَيْ هَاتَيْنِ الْقَبِيلَتَيْنِ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
أُقَارِعُ عَوْفٍ لَا أُحَاوِلُ غَيْرَهَا ... وُجُوهُ قُرُودٍ تَبْتَغِي من تُخَادِعُ
وَهَذَا عَلَى قِرَاءَةِ الْمَلَكَيْنِ، بِفَتْحِ اللَّامِ. وَأَمَّا مَنْ قَرَأَ بِكَسْرِهَا، فَيَكُونَانِ بَدَلًا مِنَ الْمَلَكَيْنِ، إِلَّا إِذَا فُسِّرَا بِدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، فَلَا يَكُونُ هاروت وماروت بدلا

[1] سورة التحريم: 66/ 6.
[2] سورة الأنبياء: 21/ 19 و 20.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 528
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست