responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 524
كثير وأبي عمرو. وقرىء: بِتَخْفِيفِ النُّونِ وَرَفْعِ مَا بَعْدَهَا بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرِ، وَهِيَ قِرَاءَةُ ابْنِ عَامِرٍ وَحَمْزَةَ وَالْكِسَائِيِّ. وَإِذَا خُفِّفَتْ، فَهَلْ يَجُوزُ إِعْمَالُهَا؟ مَسْأَلَةُ خِلَافٍ الْجُمْهُورُ: عَلَى الْمَنْعِ وَنَقَلَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الرِّمَاكِ عَنْ يُونُسَ جَوَازَ إِعْمَالِهَا، وَنَقَلَ ذَلِكَ غَيْرُهُ عَنِ الْأَخْفَشِ، وَالصَّحِيحُ الْمَنْعُ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ وَالْفَرَّاءُ: الِاخْتِيَارُ، التَّشْدِيدُ إِذَا كَانَ قَبْلَهَا وَاوٌ، وَالتَّخْفِيفُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا وَاوٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّهَا مُخَفَّفَةً تَكُونُ عَاطِفَةً وَلَا تَحْتَاجُ إِلَى وَاوٍ مَعَهَا. كَبَلْ: فَإِذَا كَانَتْ قَبْلَهَا وَاوٌ لَمْ تُشْبِهْ بَلْ، لِأَنَّ بَلْ لَا تَدْخُلُ عَلَيْهَا الْوَاوُ، فَإِذَا كَانَتْ لَكِنَّ مُشَدَّدَةً عَمِلَتْ عَمَلَ إِنَّ، وَلَمْ تَكُنْ عَاطِفَةً. انْتَهَى الْكَلَامُ. وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى تَسْلِيمِ أَنَّ لَكِنَّ تَكُونُ عَاطِفَةً، وَهِيَ مَسْأَلَةُ خِلَافٍ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ لَكِنَّ تَكُونُ عَاطِفَةً. وَذَهَبَ يُونُسُ إِلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ حُرُوفِ الْعَطْفِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّهُ لَا يُحْفَظُ ذَلِكَ مِنْ لِسَانِ الْعَرَبِ، بَلْ إِذَا جَاءَ بَعْدَهَا مَا يُوهِمُ الْعَطْفَ، كَانَتْ مَقْرُونَةً بِالْوَاوِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: مَا كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ [1] . وَأَمَّا إِذَا جَاءَتْ بَعْدَهَا الْجُمْلَةُ، فَتَارَةً تَكُونُ بِالْوَاوِ، وَتَارَةً لَا يَكُونُ مَعَهَا الْوَاوُ، كَمَا قَالَ زُهَيْرٌ:
إِنَّ ابْنَ وَرْقَاءَ لَا تُخْشَى بَوَادِرُهُ ... لَكِنْ وَقَائِعَهُ فِي الْحَرْبِ تُنْتَظَرُ
وَأَمَّا مَا يُوجَدُ فِي كُتُبِ النَّحْوِيِّينَ مِنْ قَوْلِهِمْ: مَا قَامَ زَيْدٌ لَكِنْ عَمْرٌو، وَمَا ضَرَبْتُ زَيْدًا لَكِنْ عَمْرًا، وَمَا مَرَرْتُ بِزَيْدٍ لَكِنْ عَمْرٍو، فَهُوَ مِنْ تَمْثِيلِهِمْ، لَا أَنَّهُ مَسْمُوعٌ مِنَ الْعَرَبِ. ومن غريب ما قيل فِي لَكِنَّ: أَنَّهَا مُرَكَّبَةٌ مِنْ كَلِمٍ ثَلَاثٍ: لَا لِلنَّفْيِ، وَالْكَافُ لِلْخِطَابِ، وَأَنَّ الَّتِي لِلْإِثْبَاتِ وَالتَّحْقِيقِ، وَأَنَّ الْهَمْزَةَ حُذِفَتْ لِلِاسْتِثْقَالِ، وَهَذَا قَوْلٌ فَاسِدٌ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا بَسِيطَةٌ.
يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ: الضَّمِيرُ فِي يُعَلِّمُونَ اخْتُلِفَ فِي مَنْ يَعُودُ عَلَيْهِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَعُودُ عَلَى الشَّيَاطِينِ، يَقْصِدُونَ بِهِ إِغْوَاءَهُمْ وَإِضْلَالَهُمْ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الزَّمَخْشَرِيِّ. وَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ فِي كَفَرُوا. قَالُوا: أَوْ خَبَرًا ثَانِيًا. وَقِيلَ:
حَالٌ مِنَ الشَّيَاطِينِ. وَرُدَّ بِأَنَّ لَكِنَّ لَا تَعْمَلُ فِي الْحَالِ، وَقِيلَ: بَدَلٌ مِنْ كَفَرُوا، بَدَلَ الْفِعْلِ مِنَ الْفِعْلِ، لِأَنَّ تَعْلِيمَ الشَّيَاطِينِ السِّحْرَ كُفْرٌ فِي الْمَعْنَى. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ اسْتِئْنَافُ إِخْبَارٍ عَنْهُمْ.
وَقِيلَ: الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الَّذِينَ اتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ، عَلَى اخْتِلَافِ الْمُفَسِّرِينَ فِيمَنْ يَعُودُ عَلَيْهِ ضَمِيرُ اتَّبَعُوا، فَيَكُونُ الْمَعْنَى: يَعْلَمُ الْمُتَّبِعُونَ مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ النَّاسَ، فَالنَّاسُ مُعَلِّمُونَ لِلْمُتَّبِعِينَ. وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَكُونُونَ مُعَلِّمِينَ لِلشَّيَاطِينِ.

[1] سورة الأحزاب: 33/ 40.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 524
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست