responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 506
في: ظننته قائما زيد، الْهَاءَ ضَمِيرَ الْمَجْهُولِ، وَهِيَ مَفْعُولُ ظَنَنْتُ، وَقَائِمًا الْمَفْعُولُ الثَّانِي، وَزَيْدٌ فَاعِلٌ بِقَائِمٍ. وَلَا يَجُوزُ فِي مَذْهَبِ الْبَصْرِيِّينَ أَنْ يُفَسَّرَ إِلَّا بِجُمْلَةٍ مُصَرَّحٍ بِجُزْأَيْهَا سَالِمَةٍ مِنْ حَرْفِ جَرٍّ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ، وَحَكَى الطَّبَرِيُّ عَنْ فِرْقَةٍ أَنَّهَا قَالَتْ: هُوَ عِمَادٌ. انْتَهَى كَلَامُهُ، وَيَحْتَاجُ إِلَى تَفْسِيرٍ، وَذَلِكَ أَنَّ الْعِمَادَ فِي مَذْهَبِ بَعْضِ الْكُوفِيِّينَ يَجُوزُ أَنْ يَتَقَدَّمَ مَعَ الْخَبَرِ عَلَى الْمُبْتَدَأِ، فَإِذَا قُلْتَ: مَا زَيْدٌ هُوَ الْقَائِمُ، جَوَّزُوا أَنْ تَقُولَ: مَا هُوَ الْقَائِمُ زَيْدٌ.
فَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ عِنْدَهُمْ، وَمَا تَعْمِيرُهُ هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ. ثُمَّ قُدِّمَ الْخَبَرُ مَعَ الْعِمَادِ، فَجَاءَ: وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ، أَيْ تَعْمِيرَهُ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ، لِأَنَّ شَرْطَ الْفَصْلِ عِنْدَهُمْ أَنْ يَكُونَ مُتَوَسِّطًا. وَتَلَخَّصَ فِي هَذَا الضَّمِيرِ: أَهُوَ عَائِدٌ عَلَى أَحَدُهُمْ؟ أَوْ عَلَى الْمَصْدَرِ الْمَفْهُومِ مِنْ يُعَمَّرُ؟ أَوْ عَلَى مَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ أَنْ يُعَمَّرَ؟ أَوْ هُوَ ضَمِيرُ الشَّأْنِ؟ أَوْ عِمَادٌ؟ أَقْوَالٌ خَمْسَةٌ، أَظْهَرُهَا الْأَوَّلُ.
وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ: قَرَأَ الْجُمْهُورُ يَعْمَلُونَ بِالْيَاءِ، عَلَى نَسَقِ الْكَلَامِ السَّابِقِ.
وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَالْأَعْرَجُ وَيَعْقُوبُ بِالتَّاءِ، عَلَى سَبِيلِ الالتفات والخروج من العيبة إِلَى الْخِطَابِ. وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ تَتَضَمَّنُ التَّهْدِيدَ وَالْوَعِيدَ، وَأَتَى هُنَا بِصِفَةِ بَصِيرٍ، وَإِنْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى مُتَنَزِّهًا عَنِ الْجَارِحَةِ، إِعْلَامًا بِأَنَّ عِلْمَهُ، بِجَمِيعِ الْأَعْمَالِ، عِلْمُ إِحَاطَةٍ وَإِدْرَاكٍ لِلْخَفِيَّاتِ.
وَمَا: فِي بِمَا، مَوْصُولَةٌ، وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ، أَيْ يَعْمَلُونَهُ. وَجَوَّزُوا فِيهَا أَنْ تَكُونَ مَصْدَرِيَّةً أَيْ بِعَمَلِهِمْ، وَأَتَى بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ، وَإِنْ كَانَ عِلْمُهُ تَعَالَى مُحِيطًا بِأَعْمَالِهِمُ السَّالِفَةِ وَالْآتِيَةِ لِتَوَاخِي الْفَوَاصِلِ.
وَقَدْ تَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ الْكَرِيمَةُ الامتنان على بني إسرائيل وَتَذْكَارَهُمْ بِنِعَمِ اللَّهِ، إِذْ آتَى مُوسَى التَّوْرَاةَ الْمُشْتَمِلَةَ عَلَى الْهُدَى وَالنُّورِ، وَوَالَى بَعْدَهُ بِالرُّسُلِ لِتَجْدِيدِ دِينِ اللَّهِ وَشَرَائِعِهِ، وَآتَى عِيسَى الْأُمُورَ الْخَارِقَةَ، مِنْ إِحْيَاءِ الْأَمْوَاتِ، وَإِبْرَاءِ الْأَكْمَهِ وَالْأَبْرَصِ، وَإِيجَادِ الْمَخْلُوقِ، وَنَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ، وَالْإِنْبَاءِ بِالْمُغَيَّبَاتِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَأَيَّدَهُ بِمَنْ يُنْزِلُ الْوَحْيَ عَلَى يَدَيْهِ، وَهُوَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ. ثُمَّ مَعَ هَذِهِ الْمُعْجِزَاتِ وَالنِّعَمِ كَانُوا أَبْعَدَ النَّاسِ عَنْ قَبُولِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَكَانُوا بِحَيْثُ إِذَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا يُوَافِقُهُمْ، بَادَرُوا إِلَى تَكْذِيبِهِ، أَوْ قَتَلُوهُ، وَهُمْ غَيْرُ مُكْتَرِثِينَ بِمَا يَصْدُرُ مِنْهُمْ مِنَ الْجَرَائِمِ، حَتَّى حُكِيَ أَنَّهُمْ فِي أَثَرِ قَتْلِهِمُ الْجَمَاعَةَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، تَقُومُ سُوقُ الْبَقْلِ بَيْنَهُمْ، الَّتِي هِيَ أَرْذَلُ الْأَسْوَاقِ، فَكَيْفَ بِالْأَسْوَاقِ الَّتِي تُبَاعُ فِيهَا الْأَشْيَاءُ النَّفِيسَةُ؟ ثُمَّ نَعَى تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ بَاقُونَ عَلَى تِلْكَ الْعَادَةِ مِنْ تَكْذِيبِ مَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَإِنْ كانوا قبل مجيئه يَذْكُرُونَ أَنَّهُ يَأْتِيهِمْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. فَحِينَ وَافَاهُمْ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 506
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست