responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 501
الْمُرَادُ الْيَدُ حَقِيقَةً هُنَا، وَالَّذِي قَدَّمَتْهُ أَيْدِيهِمْ هُوَ تَغْيِيرُ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ ذَلِكَ بِكِتَابَةِ أَيْدِيهِمْ.
وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ: هَذِهِ جُمْلَةٌ خَبَرِيَّةٌ، وَمَعْنَاهَا: التَّهْدِيدُ وَالْوَعِيدُ، وَعِلْمُ اللَّهِ مُتَعَلِّقٌ بِالظَّالِمِ وَغَيْرِ الظَّالِمِ. فَالِاقْتِصَارُ عَلَى ذِكْرِ الظَّالِمِ يَدُلُّ عَلَى حُصُولِ الْوَعِيدِ. وَقِيلَ:
مَعْنَاهُ مُجَازِيهِمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَكَنَّى بِالْعِلْمِ عَنِ الْجَزَاءِ، وَعُلِّقَ الْعِلْمُ بِالْوَصْفِ لِيَدُلَّ عَلَى الْعُلِّيَّةِ، وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي الظَّالِمِينَ لِلْعَهْدِ، فَتَخْتَصُّ بِالْيَهُودِ الَّذِينَ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ، أَوْ لِلْجِنْسِ، فَتَعُمُّ كُلَّ ظَالِمٍ. وَإِنَّمَا ذَكَرَ الظَّالِمِينَ، لِأَنَّ الظُّلْمَ هُوَ تَجَاوُزُ مَا حَدَّ اللَّهُ، وَلَا شَيْءَ أَبْلَغُ فِي التَّعَدِّي مِنِ ادِّعَاءِ خُلُوصِ الْجَنَّةِ لِمَنْ لَمْ يَتَلَبَّسْ بِشَيْءٍ مِنْ مُقْتَضَيَاتِهَا، وَانْفِرَادِهِ بِذَلِكَ دُونَ النَّاسِ.
وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ: الْخِطَابُ هُنَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَوَجَدَ هُنَا مُتَعَدِّيَةٌ إِلَى مَفْعُولَيْنِ: أَحَدُهُمَا الضَّمِيرُ، وَالثَّانِي أَحْرَصَ النَّاسِ. وَإِذَا تَعَدَّتْ إِلَى مَفْعُولَيْنِ كَانَتْ بِمَعْنَى عَلِمَ الْمُتَعَدِّيَةِ إِلَى اثْنَيْنِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ [1] . وَكَوُنُهَا هُنَا تَعَدَّتْ إِلَى مَفْعُولَيْنِ، هُوَ قَوْلُ مَنْ وَقَفْنَا عَلَى كَلَامِهِ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَجَدَ هُنَا بِمَعْنَى لَقِيَ وَأَصَابَ، وَيَكُونَ انْتِصَابُ أَحْرَصَ عَلَى الْحَالِ، لَكِنْ لَا يَتِمُّ هَذَا إِلَّا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى أَنَّ إِضَافَةَ أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ لَيْسَتْ بِمَحْضَةٍ، وَهُوَ قَوْلُ الْفَارِسِيِّ. وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِنَا الْأُسْتَاذُ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عُصْفُورٍ. أَمَّا مَنْ قَالَ بِأَنَّهَا مَحْضَةٌ، وَلَا يُجِيزُ فِي الْحَالِ أَنْ تَأْتِيَ مَعْرِفَةً، فَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ فِي أَحْرَصَ النصب على الحال. وأحرص هُنَا هِيَ أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ، وَهِيَ مُؤَوَّلَةٌ. بِمَعْنَى مِنْ، وَقَدْ أُضِيفَ إِلَى مَعْرِفَةٍ، فَيَجُوزُ فِيهَا الْوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يُفْرَدَ مُذَكَّرُهُ، وَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةً عَلَى مُفْرَدٍ وَمُثَنَّى وَمَجْمُوعٍ، وَمُذَكَّرٍ وَمُؤَنَّثٍ. وَالثَّانِي: أَنْ يُطَابِقَ مَا قَبْلَهَا. فَمِنَ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَحْرَصَ النَّاسِ وَلَوْ جَاءَ عَلَى الْمُطَابَقَةِ، لَكَانَ أَحَارِصَ النَّاسِ، أَوْ أَحْرَصِي النَّاسِ. وَمِنَ الْوَجْهِ الثَّانِي قَوْلُهُ: أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا، كِلَا الْوَجْهَيْنِ فَصِيحٌ. وَذَكَرَ أَبُو مَنْصُورٍ الْجَوَالِيقِيُّ أَنَّ الْمُطَابَقَةَ أَفْصَحُ مِنَ الْإِفْرَادِ.
وَذَهَبَ ابْنُ السَّرَّاجِ إِلَى تَعَيُّنِ الْإِفْرَادِ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ. وَإِذَا أُضِيفَتْ إِلَى مَعْرِفَةٍ، كَهَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ، فَشَرْطُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ مَا يُضَافُ إِلَيْهِ، وَلِذَلِكَ مَنَعَ الْبَصْرِيُّونَ يُوسُفُ أَحْسَنُ إِخْوَتِهِ، عَلَى أَنْ يَكُونَ أَحْسَنُ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ، وَتَأَوَّلُوا مَا وَرَدَ مِمَّا يُشْبِهُهُ، وَشَذَّ نحو قوله:

[1] سورة الأعراف: 7/ 102.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 501
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست