responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 493
لِانْقِطَاعِ النَّفَسِ. وَجَاءَ يَقْتُلُونَ بِصُورَةِ الْمُضَارِعِ، وَالْمُرَادُ الْمَاضِي، إِذِ الْمَعْنَى: قُلْ فَلِمَ قَتَلْتُمْ، وَأَوْضَحَ ذَلِكَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ بِحَضْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُمْ قَتْلُ الْأَنْبِيَاءِ، وَأَنَّهُ قُيِّدَ بِقَوْلِهِ مِنْ قَبْلُ، فَدَلَّ عَلَى تَقَدُّمِ الْقَتْلِ.
قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَفَائِدَةُ سَوْقِ الْمُسْتَقْبَلِ فِي مَعْنَى الْمَاضِي الْإِعْلَامُ بِأَنَّ الْأَمْرَ مُسْتَمِرٌّ.
أَلَا تَرَى أَنَّ حَاضِرِي محمد صلى الله عليه وَسَلَّمَ لَمَّا كَانُوا رَاضِينَ بِفِعْلِ أَسْلَافِهِمْ، بَقِيَ لَهُمْ مِنْ قَتْلِ الْأَنْبِيَاءِ جُزْءٌ، وَفِي إِضَافَةِ أَنْبِيَاءَ إِلَى اللَّهِ تَشْرِيفٌ عَظِيمٌ لَهُمْ، وَأَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي لِمَنْ جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ أَنْ يُعَظَّمَ أَجَلَّ تَعْظِيمٍ، وَأَنْ يُنْصَرَ، لَا أَنْ يُقْتَلَ. إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ قِيلَ: إِنْ نَافِيَةٌ أَيْ مَا كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ، لِأَنَّ مَنْ قَتَلَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ لَا يَكُونُ مُؤْمِنًا، فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ الْإِيمَانَ لَا يُجَامِعُ قَتْلَ الْأَنْبِيَاءِ، أَيْ مَا اتَّصَفَ بِالْإِيمَانِ مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ. قِيلَ: وَالْأَظْهَرُ أَنَّ إِنْ شَرْطِيَّةٌ، وَالْجَوَابُ مَحْذُوفٌ، التَّقْدِيرُ: فَلِمَ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ؟ وَيَكُونُ الشَّرْطُ وَجَوَابُهُ قَدْ كُرِّرَ مَرَّتَيْنِ عَلَى سَبِيلِ التَّوْكِيدِ، لَكِنْ حُذِفَ الشَّرْطُ مِنَ الْأَوَّلِ وَأُبْقِيَ جَوَابُهُ وَهُوَ: فَلِمَ تَقْتُلُونَ؟ وَحُذِفَ الْجَوَابُ مِنَ الثَّانِي وَأُبْقِيَ شَرْطُهُ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَإِنْ كُنْتُمْ: شَرْطٌ، وَالْجَوَابُ مُتَقَدِّمٌ. وَلَا يَتَمَشَّى قَوْلُهُ هَذَا إِلَّا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يُجِيزُ تَقَدُّمَ جَوَابِ الشَّرْطِ، وَلَيْسَ مَذْهَبَ الْبَصْرِيِّينَ إِلَّا أَبَا زَيْدٍ الْأَنْصَارِيَّ وَالْمُبَرِّدَ مِنْهُمْ. وَمَعْنَى مُؤْمِنِينَ: أَيْ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ، أَوْ مُتَحَقِّقِينَ بِالْإِيمَانِ صَادِقِينَ فِيهِ، أَوْ مُؤْمِنِينَ بِزَعْمِكُمْ. وَأَجْرَى هَذَا الْقَوْلَ مُجْرَى التَّهَكُّمِ بِهِمْ وَالِاسْتِهْزَاءِ، كَمَا تَقُولُ لِمَنْ بَدَا مِنْهُ مَا لَا يُنَاسِبُهُ: فَعَلْتَ كَذَا وَأَنْتَ عَاقِلٌ، أَيْ بِزَعْمِكَ.
وَلَقَدْ جاءَكُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ: أَيْ بِالْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ، وَهِيَ الْوَاضِحَةُ الْمُعْجِزَةُ الدَّالَّةُ عَلَى صِدْقِهِ. وَقِيلَ: التِّسْعُ، وَهِيَ: الْعَصَا، وَالسُّنُونَ، وَالْيَدُ، وَالدَّمُ، وَالطُّوفَانُ، وَالْجَرَادُ، وَالْقُمَّلُ، وَالضَّفَادِعُ، وَفَلْقُ الْبَحْرِ. وَهِيَ الْمَعْنِيُّ بِقَوْلِهِ: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ [1] . ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ، وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ: تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ هَذِهِ الْجُمَلِ، وَإِنَّمَا كُرِّرَتْ هُنَا لِدَعْوَاهُمْ أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْهِمْ، وَهُمْ كَاذِبُونَ فِي ذَلِكَ. أَلَا تَرَى أَنَّ اتِّخَاذَ الْعِجْلِ لَيْسَ فِي التَّوْرَاةِ؟ بَلْ فِيهَا أَنْ يُفْرَدَ اللَّهُ بِالْعِبَادَةِ، وَلِأَنَّ عِبَادَةَ غَيْرِ اللَّهِ أَكْبَرُ الْمَعَاصِي، فَكَرَّرَ عِبَادَةَ الْعِجْلِ تَنْبِيهًا عَلَى عَظِيمِ جُرْمِهِمْ. وَلِأَنَّ ذِكْرَ ذَلِكَ قَبْلُ، أَعْقَبَهُ تَعْدَادُ النِّعَمِ بِقَوْلِهِ: ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ [2] ، وفَلَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ [3] . وَهُنَا أَعْقَبَهُ التَّقْرِيعُ وَالتَّوْبِيخُ. ولأن في

[1] سورة الإسراء: 17/ 101. [.....]
[2] سورة البقرة: 2/ 52.
[3] سورة البقرة: 2/ 64.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 493
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست