responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 449
عَلَى اللَّامِ وَحَذْفِهَا قَالَ: قُلَ اتَّخَذْتُمْ، بِفَتْحِ اللَّامِ، لِأَنَّ الْهَمْزَةَ كَانَتْ مَفْتُوحَةً. وَعِنْدَ اللَّهِ:
ظَرْفٌ مَنْصُوبٌ بِاتَّخَذْتُمْ، وَهِيَ هُنَا تَتَعَدَّى لِوَاحِدٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَتَعَدَّى إِلَى اثْنَيْنِ، فَيَكُونُ الثَّانِي الظَّرْفَ، فَيَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ، وَالْعَهْدُ هُنَا: الْمِيثَاقُ وَالْمَوْعِدُ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَعْنَاهُ:
هَلْ قُلْتُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَآمَنْتُمْ وَأَطَعْتُمْ فَتُدَلُّونَ بِذَلِكَ وَتَعْلَمُونَ خُرُوجَكُمْ مِنَ النَّارِ؟ فَعَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ الْمَعْنَى: هَلْ عَاهَدَكُمُ اللَّهُ عَلَى هَذَا الَّذِي تَدَّعُونَ؟ وَعَلَى الثَّانِي: هَلْ أَسْلَفْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَعْمَالًا تُوجِبُ مَا تَدَّعُونَ؟.
فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ: هَذِهِ الْجُمْلَةُ جَوَابُ الِاسْتِفْهَامِ الَّذِي ضُمِّنَ مَعْنَى الشَّرْطِ، كَقَوْلِكَ: أَيَقْصِدُنَا زَيْدٌ؟ فَلَنْ نُجِيبَ مِنْ بِرِّنَا. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي جَوَابِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، هَلْ ذَلِكَ بِطَرِيقِ التَّضْمِينِ أَيْ يُضَمَّنُ الِاسْتِفْهَامُ وَالتَّمَنِّي وَالْأَمْرُ وَالنَّهْيُ إِلَى سَائِرِ بِاقِيهَا مَعْنَى الشَّرْطِ؟ أَمْ يَكُونُ الشَّرْطُ مَحْذُوفًا بَعْدَهَا؟ وَلِذَلِكَ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَلَنْ يُخْلِفَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: إِنِ اتَّخَذْتُمْ عِنْدَهُ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ، كَأَنَّهُ اخْتَارَ الْقَوْلَ الثَّانِيَ مِنْ أَنَّ الشَّرْطَ مُقَدَّرٌ بَعْدَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ:
فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ، اعْتِرَاضٌ فِي أَثْنَاءِ الْكَلَامِ، كَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ: أَمْ تَقُولُونَ مُعَادِلٌ لِقَوْلِهِ: قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً، فَصَارَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ، بَيْنَ هَاتَيْنِ اللَّتَيْنِ وَقَعَ بَيْنَهُمَا التَّعَادُلُ، جُمْلَةً اعْتِرَاضِيَّةً، فَلَا يَكُونُ لَهَا مَوْضِعٌ مِنَ الْإِعْرَابِ، وَكَأَنَّهُ يَقُولُ: أَيُّ هَذَيْنِ وَاقِعٌ؟ أاتخاذكم الْعَهْدَ عِنْدَ اللَّهِ؟ أَمْ قَوْلُكُمْ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ؟ وَأَخْرَجَ ذَلِكَ مُخْرَجَ الْمُتَرَدَّدِ فِي تَعْيِينِهِ عَلَى سَبِيلِ التَّقْرِيرِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ عَلِمَ وُقُوعَ أَحَدِهِمَا، وَهُوَ قَوْلُهُمْ: عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ، وَنَظِيرُهُ: وَإِنَّا، أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ [1] . وَقَدْ عُلِمَ أَيُّهُمَا عَلَى هُدًى وَأَيُّهُمَا هُوَ فِي ضَلَالٍ. وَقِيلَ: أَمْ هُنَا مُنْقَطِعَةٌ فَيَتَقَدَّرُ بِبَلْ وَالْهَمْزَةِ، كَأَنَّهُ قَالَ: بَلْ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ؟ وَهُوَ اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ، لِأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ مِنْهُمْ قَوْلُهُمْ:
عَلَى اللَّهِ مَا لَا يَعْلَمُونَ، فَأَنْكَرُوا عَلَيْهِمْ صُدُورَ هَذَا مِنْهُمْ. وَفِي قَوْلِهِ: فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ وَعْدَهُ. وَاخْتُلِفَ فِي الْوَعِيدِ، فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ لَا يُخْلِفُهُ، كَمَا لَا يُخْلِفُ وَعْدَهُ. وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى جَوَازِ إِخْلَافِ إيعاده، وقالوا: إخلاف الْوَعْدِ قَبِيحٌ، وَإِخْلَافُ الْوَعِيدِ حَسَنٌ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ يُبْحَثُ فِيهَا فِي أُصُولِ الدِّينِ.
بَلى: حَرْفُ جَوَابٍ يُثْبَتُ بِهِ مَا بَعْدَ النَّفْيِ، فَإِذَا قُلْتُ: مَا قَامَ زَيْدٌ، فَقُلْتَ: نَعَمْ، كَانَ تَصْدِيقًا فِي نَفْيِ قِيَامِ زَيْدٍ. وَإِذَا قُلْتَ: بَلَى، كَانَ نَقْضًا لِذَلِكَ النَّفْيِ. فلما قالوا:

[1] سورة سبأ: 34/ 24.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 449
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست