responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 422
يَظْهَرُ اسْتِنْبَاطُهُمْ ذَلِكَ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ. قَالُوا: هَذِهِ الْآيَةُ دَلِيلٌ عَلَى حِرْمَانِ الْقَاتِلِ مِيرَاثَ الْمَقْتُولِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَرِثُهُ. وَأَقُولُ: لَا تَدُلُّ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا الْقِصَّةُ، إِنْ صَحَّتْ، تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، لِأَنَّ فِي آخِرِهَا: فَمَا وَرِثَ قَاتِلٌ بَعْدَهَا مِمَّنْ قَتَلَهُ.
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وابن عباس وَابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ لَا مِيرَاثَ لَهُ، عَمْدًا كَانَ أَوْ خَطَأً، لَا مِنْ دِيَتِهِ، وَلَا مِنْ سَائِرِ مَالِهِ.
وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ، إِلَّا أَنَّ أَصْحَابَ أَبِي حَنِيفَةَ قَالُوا: إِنْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا، وَرِثَ. وَقَالَ عُثْمَانُ اللَّيْثِيُّ: يَرِثُ قَاتِلُ الْخَطَأِ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ: لَا يَرِثُ قَاتِلُ الْعَمْدِ مِنْ دِيَتِهِ، وَلَا مِنْ مَالِهِ. وَإِنْ قَتَلَهُ خَطَأً، يَرِثُ مِنْ مَالِهِ دُونَ دِيَتِهِ. وَيُرْوَى مِثْلُهُ عَنِ الْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ وَالزُّهْرِيِّ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ. وَقَالَ الْمُزَنِيُّ، عَنِ الشَّافِعِيِّ: إِذَا قَتَلَ الْبَاغِي الْعَادِلَ، أَوِ الْعَادِلُ الْبَاغِيَ، لَا يَتَوَارَثَانِ لِأَنَّهُمَا قَاتِلَانِ. وَقَالُوا:
اسْتَدَلَّ مَالِكٌ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ، عَلَى صِحَّةِ الْقَوْلِ بِالْقَسَامَةِ، بِقَوْلِ الْمَقْتُولِ: دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ، أَوْ فُلَانٌ قَتَلَنِي، وَقَالَ الْجُمْهُورُ خِلَافَهُ. وَقَالُوا فِي صِفَةِ الْبَقَرَةِ اسْتِدْلَالٌ لِمَنْ قَالَ: إِنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ، قَالُوا: فِي هَذِهِ الْآيَاتِ أَدَلُّ دَلِيلٍ عَلَى حَصْرِ الْحَيَوَانِ بِصِفَاتِهِ، أَنَّهُ إِذَا حُصِرَ بِصِفَةٍ يُعْرَفُ بِهَا جَازَ السَّلَمُ فِيهِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ:
لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْحَيَوَانِ. وَدَلَائِلُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ مَذْكُورَةٌ فِي كُتُبِ خِلَافِ الْفُقَهَاءِ، وَلَا يَظْهَرُ اسْتِنْبَاطُ شَيْءٍ مِنْ هَذَا مِنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ. قَالَ الْقُشَيْرِيُّ: أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُحْيِيَ مَيِّتَهُمْ لِيُفْصِحَ بِالشَّهَادَةِ عَلَى قَاتِلِهِ، فَأَمَرَ بِقَتْلِ حَيَوَانٍ لَهُمْ، فَجَعَلَ سَبَبَ حَيَاةِ مَقْتُولِهِمْ بِقَتْلِ حَيَوَانٍ لَهُمْ صَارَتِ الْإِشَارَةُ مِنْهُ، أَنَّ مَنْ أَرَادَ حَيَاةَ قَلْبِهِ لَمْ يَصِلْ إِلَيْهِ إِلَّا بِذَبْحِ نَفْسِهِ. فَمَنْ ذَبَحَ نَفْسَهُ بِالْمُجَاهَدَاتِ حَيِيَ قَلْبُهُ بِأَنْوَارِ الْمُشَاهَدَاتِ، وَكَذَلِكَ مَنْ أَرَادَ حَيَاةً فِي الْأَبَدِ أَمَاتَ فِي الدُّنْيَا ذِكْرَهُ بِالْخُمُولِ.
ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ، قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ، مَعْنَى ثُمَّ قَسَتْ: اسْتِبْعَادُ الْقَسْوَةِ بعد ما ذَكَرَ مَا يُوجِبُ لِينَ الْقُلُوبِ وَرِقَّتَهَا وَنَحْوَهُ، ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ. انْتَهَى. وَهُوَ يُذْكَرُ عَنْهُ أَنَّ الْعَطْفَ بِثُمَّ يَقْتَضِي الِاسْتِبْعَادَ، وَلِذَلِكَ قِيلَ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ [1] . وَهَذَا الِاسْتِبْعَادُ لَا يُسْتَفَادُ مِنَ الْعَطْفِ بِثُمَّ، وَإِنَّمَا يُسْتَفَادُ مِنْ مَجِيءِ هذه الجمل ووقوعها بعد ما تَقَدَّمَ مِمَّا لَا يَقْتَضِي وُقُوعَهَا، وَلِأَنَّ صُدُورَ هَذَا الْخَارِقِ الْعَظِيمِ الْخَارِجِ عَنْ مِقْدَارِ الْبَشَرِ، فِيهِ مِنَ الِاعْتِبَارِ وَالْعِظَاتِ مَا يَقْتَضِي لِينَ الْقُلُوبِ وَالْإِنَابَةَ إِلَى الله

[1] سورة الأنعام: 6/ 1. [.....]
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 422
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست