responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 398
وَالْخُسُوءِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَاسِئِينَ صِفَةً لِقِرْدَةٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا من اسْمِ كُونُوا.
وَمَعْنَى خَاسِئِينَ: مُبْعَدِينَ. وَقَالَ أَبُو رَوْقٍ: خَاسِرِينَ، كَأَنَّهُ فَسَّرَ بِاللَّازِمِ، لِأَنَّ مَنْ أَبْعَدَهُ اللَّهُ فَقَدْ خَسِرَ. وَجُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ: عَلَى أَنَّ الَّذِينَ مَسَخَهُمُ اللَّهُ لَمْ يَأْكُلُوا، وَلَمْ يَشْرَبُوا، وَلَمْ يَنْسَلُوا، بَلْ مَاتُوا جَمِيعًا، وَأَنَّهُمْ لَمْ يَعِيشُوا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. وَزَعَمَ مُقَاتِلٌ أَنَّهُمْ عَاشُوا سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَمَاتُوا فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ، وَكَانَ هَذَا فِي زَمَنِ دَاوُدَ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ، وَكَانُوا فِي قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا: أَيْلَةُ، وَقِيلَ: مَدْيَنُ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِمَنْ سَأَلَهُ عَنِ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ: أَهِيَ مِمَّا مُسِخَ؟ فَقَالَ: «اللَّهُ لَمْ يُهْلِكْ قَوْمًا أَوْ يُعَذِّبْ قَوْمًا فَيَجْعَلَ لَهُمْ نَسْلًا، وَأَنَّ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ» .
وَاخْتَارَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ أَنَّهُمْ عَاشُوا، وَأَنَّ الْقِرَدَةَ الْمَوْجُودِينَ الْآنَ مِنْ نَسْلِهِمْ.
فَجَعَلْناها: الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْقَرْيَةِ أَوْ عَلَى الْأُمَّةِ، أَوْ عَلَى الْحَالَةِ، أَوْ عَلَى الْمَسَخَةِ، أَوْ عَلَى الْحِيتَانِ، أَوْ عَلَى الْعُقُوبَةِ. وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى الْمَصْدَرِ الْمَفْهُومِ مِنْ:
كُونُوا، أَيْ فَجَعَلْنَا كَيْنُونَتَهُمْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ. نَكالًا: أَيْ عِبْرَةً، وَهُوَ مَفْعُولٌ ثَانٍ لِجَعَلَ.
لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها: أَيْ مِنَ الْقُرَى، وَالضَّمِيرُ لِلْقَرْيَةِ، قَالَهُ عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَوْ لِمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْأُمَمِ. وَمَا خَلْفَهَا: أَيِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُمْ بَاقِينَ، رَوَاهُ الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. أَوْ مَا بَيْنَ يَدَيْهَا: أَيْ مَا دونها، وما خَلْفَهَا يَعْنِي: لِمَنْ يَأْتِي بَعْدَهُمْ مِنَ الْأُمَمِ. وَالضَّمِيرُ لِلْأُمَّةِ، قَالَهُ السُّدِّيُّ. أَوْ ما بين يديها من ذُنُوبِ الْقَوْمِ، وَمَا خَلْفَهَا لِلْحِيتَانِ الَّتِي أَصَابُوا، قَالَهُ قَتَادَةُ. أَوْ لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا: مَا مَضَى مِنْ خَطَايَاهُمُ الَّتِي أُهْلِكُوا بِهَا، قَالَهُ مُجَاهِدٌ. أَوْ لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا مِمَّنْ شَاهَدَهَا، وَمَا خَلْفَهَا مِمَّنْ لَمْ يُشَاهِدْهَا، قَالَهُ قُطْرُبٌ. أَوْ ما بين يديها من ذُنُوبِ الْقَوْمِ، وَمَا خَلْفَهَا لِمَنْ يُذْنِبُ بَعْدَهَا مِثْلَ تِلْكَ الذُّنُوبِ. أَوْ لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا: مَنْ حَضَرَهَا من الناجين، وما خَلْفَهَا مِمَّنْ يَجِيءُ بَعْدَهَا. أَوْ لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا من عقوبة الآخرة، وما خَلْفَهَا فِي دُنْيَاهُمْ، فَيُذْكَرُونَ بِهَا إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ. أَوْ لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا: لِمَا حَوْلَهَا مِنَ الْقُرَى، وما خَلْفَهَا: وَمَا يَحْدُثُ بَعْدَهَا مِنَ الْقُرَى الَّتِي لَمْ تَكُنْ، لِأَنَّ مَسْخَتَهُمْ ذُكِرَتْ فِي كُتُبِ الْأَوَّلِينَ، فَاعْتَبَرُوا بِهَا، وَاعْتَبَرَ بِهَا مَنْ بَلَغَتْهُمْ مِنَ الْآخَرِينَ. أَوْ فِي الْآيَةِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، أَيْ فَجَعَلْنَاهَا وَمَا خَلْفَهَا مِمَّا أُعِدَّ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْعَذَابِ، نَكَالًا وَجَزَاءً، لَا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا، أَيْ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ ذُنُوبِهِمْ لِاعْتِدَائِهِمْ فِي السَّبْتِ. فَهَذِهِ أَحَدَ عَشَرَ قَوْلًا. قَالَ بَعْضُهُمْ:
وَالْأَقْرَبُ لِلصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: ما بين يديها: من يَأْتِي مِنَ الْأُمَمِ بَعْدَهَا. وما خَلْفَهَا: مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ وَمِنْ غَيْرِهِمْ لَمْ تَنَلْهُمُ الْعُقُوبَةُ، وَمَنْ قَالَ الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْقَرْيَةِ، فَالْمُرَادُ أَهْلُهَا.

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 398
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست