responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 393
عَبَّاسٍ، لِأَنَّ أَخْذَ الْمِيثَاقِ كَانَ مُتَقَدِّمًا، فَلَمَّا نَقَضُوهُ بِالِامْتِنَاعِ مِنْ قَبُولِ الْكِتَابِ رُفِعَ عَلَيْهِمُ الطُّورُ. وَأَمَّا عَلَى تَفْسِيرِ أَبِي مُسْلِمٍ: فَإِنَّهَا وَاوُ الْحَالِ، أَيْ إِنَّ أَخْذَ الْمِيثَاقِ كَانَ فِي حَالِ رَفْعِ الطُّورِ فَوْقَهُمْ، نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ وَكانَ فِي مَعْزِلٍ [1] ، أَيْ وَقَدْ كَانَ فِي مَعْزِلٍ.
خُذُوا مَا آتَيْناكُمْ: هُوَ عَلَى إِضْمَارِ الْقَوْلِ، أَيْ: وَقُلْنَا لَكُمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ. وَقَالَ بَعْضُ الْكُوفِيِّينَ: لَا يُحْتَاجُ إِلَى إِضْمَارِ قَوْلٍ، لِأَنَّ أَخْذَ الْمِيثَاقِ هُوَ قَوْلٌ، وَالْمَعْنَى: وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ بِأَنْ خُذُوا مَا آتيناكم، وما مَوْصُولٌ، وَالْعَائِدُ عَلَيْهِ مَحْذُوفٌ، أَيْ: مَا آتَيْنَاكُمُوهُ، وَيَعْنِي بِهِ الْكِتَابَ. يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ، وقرىء: مَا آتَيْتُكُمْ، وَهُوَ شِبْهُ التفات، لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ ضَمِيرِ الْمُعَظِّمِ نَفْسَهُ إِلَى غَيْرِهِ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ:
بِقُوَّةٍ بِجِدٍّ وَاجْتِهَادٍ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ، أَوْ بِعَمَلٍ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ أَوْ بِصِدْقٍ وَحَقٍّ، قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ أَوْ بِقَبُولٍ، قَالَهُ ابْنُ بَحْرٍ أَوْ بِطَاعَةٍ، قَالَهُ أَبُو الْعَالِيَةِ وَالرَّبِيعُ أَوْ بِنِيَّةٍ وَإِخْلَاصٍ، أَوْ بِكَثْرَةِ دَرْسٍ وَدِرَايَةٍ أَوْ بِجِدٍّ وَعَزِيمَةٍ وَرَغْبَةٍ وَعَمَلٍ أَوْ بِقُدْرَةٍ. وَالْقُوَّةُ: الْقُدْرَةُ وَالِاسْتِطَاعَةُ. وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ كُلُّهَا مُتَقَارِبَةُ الْمَعْنَى، وَالْبَاءُ لِلْحَالِ أَوْ الِاسْتِعَانَةِ.
وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ: بِهِ أَمْرًا مِنْ ذَكَرَ، وَقَرَأَ أُبَيٌّ: وَاذَّكَّرُوا مَا فِيهِ: أَمْرًا مِنِ اذَّكَّرَ، وَأَصْلُهُ: وإذ تكروا، ثُمَّ أُبْدِلَ مِنَ التَّاءِ دَالٌ، ثُمَّ أُدْغِمَ الذَّالُ فِي الدَّالِ، إِذْ أَكْثَرُ الْإِدْغَامِ يَسْتَحِيلُ فِيهِ الْأَوَّلُ إِلَى الثَّانِي، وَيَجُوزُ فِي هَذَا أَنْ يَسْتَحِيلَ الثَّانِي إِلَى الْأَوَّلِ، وَيُدْغَمُ فِيهِ الْأَوَّلُ فَيُقَالُ: اذَّكَّرَ، وَيَجُوزُ الْإِظْهَارُ فَتَقُولُ: اذْذَكَّرَ. وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ: تَذَكَّرُوا، عَلَى أَنَّهُ مُضَارِعٌ انْجَزَمَ عَلَى جَوَابِ الْأَمْرِ الَّذِي هُوَ خُذُوا. فَعَلَى الْقِرَاءَتَيْنِ قِيلَ: هذا يكون أمرا بالادكار، وَعَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ يَكُونُ الذِّكْرُ مُتَرَتِّبًا عَلَى حُصُولِ الْأَخْذِ بِقُوَّةٍ، أَيْ إِنْ تَأْخُذُوا بِقُوَّةٍ تَذْكُرُوا مَا فِيهِ. وَذَكَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ أَنَّهُ قرىء: وَتَذَكَّرُوا أَمْرًا مِنَ التَّذَكُّرِ، وَلَا يَبْعُدُ عِنْدِي أَنَّ تَكُونَ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ هِيَ قِرَاءَةَ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَوَهِمَ الَّذِي نَقَلْنَاهُ مِنْ كِتَابِهِ تَذَكَّرُوا فِي إِسْقَاطِ الْوَاوِ، وَالَّذِي فِيهِ هُوَ مَا تَضَمَّنَهُ مِنَ الثَّوَابِ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ أَوِ احْفَظُوا مَا فِيهِ وَلَا تَنْسُوهُ وَادْرُسُوهُ، قَالَهُ الزَّجَّاجُ أَوْ مَا فِيهِ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ وَنَهْيِهِ وَصِفَةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، أَوِ اتَّعِظُوا بِهِ لِتَنْجُوا مِنَ الْهَلَاكِ فِي الدُّنْيَا وَالْعَذَابِ فِي الْعُقْبَى. وَالذِّكْرُ: قَدْ يَكُونُ بِاللِّسَانِ، وَقَدْ يَكُونُ بِالْقَلْبِ عَلَى مَا سَبَقَ، وَقَدْ يَكُونُ بِهِمَا. فَبِاللِّسَانِ مَعْنَاهُ: ادْرُسُوا، وَبِالْقَلْبِ مَعْنَاهُ: تَدَبَّرُوا، وَبِهِمَا مَعْنَاهُ:

[1] سورة هود: 11/ 42.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 393
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست