responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 248
ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ وَابْنُ جُبَيْرٍ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ فَقِيلَ: عَزَّازِيلُ، وَقِيلَ: الحرث. وَقِيلَ:
هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ، وَأَنَّهُ أَبُو الْجِنِّ، كَمَا أَنَّ آدَمَ أَبُو الْبَشَرِ، وَلَمْ يَكُنْ قَطُّ مَلَكًا، قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ وَالْحَسَنُ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَشَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ: أَنَّهُ مِنَ الْجِنِّ الَّذِينَ كَانُوا فِي الْأَرْضِ وَقَاتَلَتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، فَسَبَوْهُ صَغِيرًا وَتَعَبَّدَ مَعَ الْمَلَائِكَةِ وَخُوطِبَ مَعَهُمْ، وَاسْتُدِلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا [1] فَعَمَّ، فَلَا يَجُوزُ عَلَى الْمَلَائِكَةِ الْكُفْرُ وَلَا الْفِسْقُ، كَمَا لَا يَجُوزُ عَلَى رُسُلِهِ مِنَ الْبَشَرِ، وَبِقَوْلِهِ:
لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [2] ، وَبِقَوْلِهِ: كانَ مِنَ الْجِنِّ [3] وَبِأَنَّ لَهُ نَسْلًا، بِخِلَافِ الْمَلَائِكَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ لِتَوَجُّهِ الْأَمْرِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ، فَلَوْ لم يكن منهم لَمَا تَوَجَّهَ الْأَمْرُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ ذَمٌّ لِتَرْكِهِ فِعْلَ مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ. وَأَمَّا جَاعِلِ الملائكة رسلا، ولا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ، فَهُوَ عَامٌ مَخْصُوصٌ، إِذْ عِصْمَتُهُمْ لَيْسَتْ لِذَاتِهِمْ، إِنَّمَا هِيَ بِجَعْلِ اللَّهِ لَهُمْ ذَلِكَ، وَأَمَّا إِبْلِيسُ فَسَلَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى الصِّفَاتِ الْمَلَكِيَّةَ وَأَلْبَسَهُ ثِيَابَ الصِّفَاتِ الشَّيْطَانِيَّةِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: كانَ مِنَ الْجِنِّ، فَقَالَ قَتَادَةُ: هُمْ صِنْفٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يُقَالُ لَهُمُ الْجِنَّةُ. وَقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: سَبْطٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ خُلِقُوا مِنْ نَارٍ، وَإِبْلِيسُ مِنْهُمْ، أَوْ أُطْلِقَ عَلَيْهِ مِنَ الْجِنِّ لِأَنَّهُ لَا يُرَى، كَمَا سَمَّى الْمَلَائِكَةَ جِنَّةً، أَوْ لِأَنَّهُ سُمِّيَ بِاسْمِ مَا غَلَبَ عَلَيْهِ، أَوْ بِمَا كَانَ مِنْ فِعْلِهِ، أَوْ لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تُسَمَّى جِنًّا. قَالَ الْأَعْشَى فِي ذِكْرِ سُلَيْمَانَ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ السَّلَامُ:
وَسَخَّرَ مِنْ جِنِّ الْمَلَائِكِ تِسْعَةً ... قِيَامًا لَدَيْهِ يَعْمَلُونَ بِلَا أَجْرِ
أَبى: امْتَنَعَ وَأَنِفَ مِنَ السُّجُودِ لِآدَمَ. وَاسْتَكْبَرَ: تَكَبَّرَ وَتَعَاظَمَ فِي نَفْسِهِ وَقَدَّمَ الْإِبَاءَ عَلَى الِاسْتِكْبَارِ، وَإِنْ كَانَ الِاسْتِكْبَارُ هُوَ الْأَوَّلُ، لِأَنَّهُ مِنْ أَفْعَالِ الْقُلُوبِ وَهُوَ التَّعَاظُمُ، وَيَنْشَأُ عَنْهُ الْإِبَاءُ مِنَ السُّجُودِ اعْتِبَارًا بِمَا ظَهَرَ عَنْهُ أَوَّلًا، وَهُوَ الِامْتِنَاعُ مِنَ السُّجُودِ، وَلِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ هُوَ السُّجُودُ، فَلَمَّا اسْتَثْنَى إِبْلِيسَ كَانَ مَحْكُومًا عَلَيْهِ بِأَنَّهُ تَرَكَ السُّجُودَ، أَوْ بِأَنَّهُ مَسْكُوتٌ عَنْهُ غَيْرُ مَحْكُومٍ عَلَيْهِ عَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي نَذْكُرُهُ قَرِيبًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَالْمَقْصُودُ:
الْإِخْبَارُ عَنْهُ بِأَنَّهُ خَالَفَ حَالُهُ حَالَ الْمَلَائِكَةِ. فَنَاسَبَ أَنْ يَبْدَأَ أَوَّلًا بِتَأْكِيدِ مَا حُكِمَ بِهِ عَلَيْهِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ، أَوْ بِإِنْشَاءِ الْإِخْبَارِ عَنْهُ بِالْمُخَالَفَةِ، وَالَّذِي يُؤَدِّي هَذَا الْمَعْنَى هُوَ الْإِبَاءُ مِنَ السُّجُودِ. وَالْخِلَافُ الَّذِي أَشَرْنَا إِلَيْهِ هُوَ أَنَّكَ إِذَا قُلْتَ: قَامَ الْقَوْمُ إِلَّا زَيْدًا، فَمَذْهَبُ

[1] سورة فاطر: 35/ 1.
[2] سورة التحريم: 66/ 6.
[3] سورة الكهف: 18/ 50.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 248
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست