responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 247
فَهِمُوا الْفَوْرَ مِنْ شَيْءٍ آخَرَ غَيْرِ مَوْضُوعِ اللَّفْظِ، فَلِذَلِكَ بَادَرُوا بِالْفِعْلِ وَلَمْ يَتَأَخَّرُوا. وَالسُّجُودُ الْمَأْمُورُ بِهِ وَالْمَفْعُولُ إِيمَاءٌ وَخُضُوعٌ، قَالَهُ الْجُمْهُورُ، أَوْ وَضْعُ الْجَبْهَةِ عَلَى الْأَرْضِ مَعَ التَّذَلُّلِ، أَوْ إِقْرَارُهُمْ لَهُ بِالْفَضْلِ وَاعْتِرَافُهُمْ لَهُ بِالْمَزِيَّةِ، وَهَذَا يَرْجِعُ إِلَى مَعْنَى السُّجُودِ اللُّغَوِيِّ، قَالَ: فَإِنَّ مَنْ أَقَرَّ لَكَ بِالْفَضْلِ فَقَدْ خَضَعَ لَكَ. لِآدَمَ: مَنْ قَالَ بِالسُّجُودِ الشَّرْعِيِّ قَالَ:
كَانَ السُّجُودُ تَكْرِمَةً وَتَحِيَّةً لَهُ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ: عَلِيٌّ
وَابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ، كَسُجُودِ أَبَوَيْ يُوسُفَ، لَا سُجُودَ عِبَادَةٍ، أَوْ لِلَّهِ تَعَالَى، وَنَصَبَهُ اللَّهُ قِبْلَةً لِسُجُودِهِمْ كَالْكَعْبَةِ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى إِلَى آدَمَ، قَالَهُ الشَّعْبِيُّ، أَوْ لِلَّهِ تَعَالَى، فَسَجَدَ وَسَجَدُوا مُؤْتَمِّينَ بِهِ، وَشَرَّفَهُ بِأَنْ جَعَلَهُ إِمَامًا يَقْتَدُونَ بِهِ. وَالْمَعْنَى فِي: لِآدَمَ أَيْ مَعَ آدَمَ. وَقَالَ قَوْمٌ: إِنَّمَا أَمَرَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُ، فَالسُّجُودُ امْتِثَالٌ لِأَمْرِ اللَّهِ، وَالسُّجُودِ لَهُ، قَالَهُ مُقَاتِلٌ، وَالْقُرْآنُ يَرُدُّ هَذَا الْقَوْلَ. وَقَالَ قَوْمٌ: كَانَ سُجُودُ الْمَلَائِكَةِ مَرَّتَيْنِ. قِيلَ: وَالْإِجْمَاعُ يَرُدُّ هَذَا الْقَوْلَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ السُّجُودَ هُوَ بِالْجَبْهَةِ لِقَوْلِهِ: فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ»
. وَقِيلَ: لَا دَلِيلَ فِي ذَلِكَ، لِأَنَّ الْجَاثِيَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَاقِعٌ، وَأَنَّ السُّجُودَ كَانَ لِآدَمَ عَلَى سَبِيلِ التَّكْرِمَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمُ: السُّجُودُ لِلَّهِ بِوَضْعِ الْجَبْهَةِ، وَلِلْبَشَرِ بِالِانْحِنَاءِ، انْتَهَى. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ السُّجُودُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لِلْبَشَرِ غَيْرَ مُحَرَّمٍ، وَقَدْ نُقِلَ أَنَّ السُّجُودَ كَانَ فِي شَرِيعَةِ مَنْ قَبْلَنَا هُوَ التَّحِيَّةُ، وَنُسِخَ ذَلِكَ فِي الْإِسْلَامِ. وَقِيلَ: كَانَ السُّجُودُ لِغَيْرِ اللَّهِ جَائِزًا إِلَى زَمَنِ يَعْقُوبَ، ثُمَّ نُسِخَ، وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ: لَمْ يُنْسَخْ إِلَى عَصْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم.
وَرُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي حَدِيثٍ عَرَضَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ أَنْ يَسْجُدُوا لَهُ: «لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ»
، وَأَنَّ مُعَاذًا سَجَدَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ عَطَاءٍ: لَمَّا اسْتَعْظَمُوا تَسْبِيحَهُمْ وَتَقْدِيسَهُمْ أَمَرَهُمْ بِالسُّجُودِ لِغَيْرِهِ لِيُرِيَهُمْ بِذَلِكَ اسْتِغْنَاءَهُ عَنْهُمْ وَعَنْ عِبَادَتِهِمْ.
فَسَجَدُوا، ثَمَّ: مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: فَسَجَدُوا لَهُ، أَيْ لِآدَمَ. دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُ:
اسْجُدُوا لِآدَمَ، وَاللَّامُ فِي لِآدَمَ لِلتَّبْيِينِ، وَهُوَ أَحَدُ الْمَعَانِي السَّبْعَةَ عَشَرَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عِنْدَ شَرْحِ الْحَمْدُ لِلَّهِ. إِلَّا إِبْلِيسَ: هُوَ مُسْتَثْنًى مِنَ الضَّمِيرِ فِي فَسَجَدُوا، وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مُوجَبٍ فِي نَحْوِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَيَتَرَجَّحُ النَّصْبُ، وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ: ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وابن المسيب وَقَتَادَةَ وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ وَالطَّبَرِيُّ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مَلَكًا ثُمَّ أُبْلِسَ وَغُضِبَ عَلَيْهِ وَلُعِنَ فَصَارَ شَيْطَانًا. وَرُوِيَ فِي ذَلِكَ آثَارٌ عَنِ

(1) سورة الحجر: 15/ 29. [.....]
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 247
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست