responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 127
وَلَوْ أَنَّ مَا عَالَجْتُ لِينَ فُؤَادِهَا ... فَقَسَا اسْتَلْيِنُ بِهِ لَلَانَ الْجَنْدَلُ
يُرِيدُ مَا عَالَجْتُ بِهِ، فَحَذَفَ حَرْفَ الْجَرِّ وَالضَّمِيرَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شُرُوطُ الْحَذْفِ الْمَقِيسِ، وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي مَبْسُوطَاتِ كُتُبِ النَّحْوِ، وَضَابِطُهَا أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ مَجْرُورًا بِحَرْفِ جَرٍّ لَيْسَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ، وَأَنْ يَكُونَ الْمَوْصُولُ، أَوِ الْمَوْصُوفُ بِهِ الْمَوْصُولَ، أَوِ الْمُضَافُ لِلْمَوْصُولِ قَدْ جُرَّ بِحَرْفٍ مِثْلَ ذَلِكَ الْحَرْفِ لَفْظًا وَمَعْنًى، وَأَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ الْحَرْفُ الَّذِي جَرَّ الضَّمِيرَ، مِثْلَ ذَلِكَ الْفِعْلِ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ الْحَرْفُ السَّابِقُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ الْجُمْلَةُ الأولى الواقعة لَا عَائِدَ فِيهَا، لَكِنْ عَطَفَ عَلَيْهَا جُمْلَةً بِالْفَاءِ، وَهِيَ جُمْلَةُ لَمَّا وَجَوَابُهَا، وَفِي ذَلِكَ عَائِدٌ عَلَى الَّذِي، فَحَصَلَ الرَّبْطُ بِذَلِكَ الْعَائِدِ الْمُتَأَخِّرِ، فَيَكُونُ شَبِيهًا بِمَا أَجَازُوهُ مِنَ الرَّبْطِ فِي بَابِ الِابْتِدَاءِ مِنْ قَوْلِهِمْ: زَيْدٌ جَاءَتْ هِنْدٌ فَضَرَبْتُهَا، وَيَكُونُ الْعَائِدُ عَلَى الَّذِينَ الضَّمِيرُ الَّذِي فِي جَوَابِ لَمَّا، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِمَّنْ وَقَفْنَا عَلَى كَلَامِهِ تَخْرِيجَ قِرَاءَةِ ابْنِ السَّمَيْفَعِ.
وَاسْتَوْقَدَ: اسْتَفْعَلَ، وَهِيَ بِمَعْنَى أَفْعَلَ. حَكَى أَبُو زَيْدٍ: أَوْقَدَ وَاسْتَوْقَدَ بِمَعْنًى، وَمِثْلُهُ أَجَابَ وَاسْتَجَابَ، وَأَخْلَفَ لِأَهْلِهِ وَاسْتَخْلَفَ أَيْ خَلَّفَ الْمَاءَ، أَوْ لِلطَّلَبِ، جَوَّزَ الْمُفَسِّرُونَ فِيهَا هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ، وَكَوْنُهَا بِمَعْنَى أَوْقَدَ، قَوْلُ الْأَخْفَشِ، وَهُوَ أَرْجَحُ لِأَنَّ جَعْلَهَا لِلطَّلَبِ يَقْتَضِي حَذْفَ جُمْلَةٍ حَتَّى يَصِحَّ الْمَعْنَى، وَجَعْلُهَا بِمَعْنَى أَوْقَدَ لَا يَقْتَضِيهِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَكُونُ الْمَعْنَى فِي الطَّلَبِ اسْتَدْعَوْا نَارًا فَأَوْقَدُوهَا، فَلَمَّا أَضاءَتْ مَا حَوْلَهُ، لِأَنَّ الْإِضَاءَةَ لَا تَتَسَبَّبُ عَنِ الطَّلَبِ، إِنَّمَا تَتَسَبَّبُ عَنِ الِاتِّقَادِ، فَلِذَلِكَ كَانَ حَمْلُهَا عَلَى غَيْرِ الطَّلَبِ أَرْجَحَ، وَالتَّشْبِيهُ وَقَعَ بَيْنَ قِصَّةٍ وَقِصَّةٍ، فَلَا يَحْتَاجُ فِي نَحْوِ هَذَا التَّشْبِيهِ إِلَى مُقَابَلَةِ جَمَاعَةٍ بِجَمَاعَةٍ. أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً [1] ، وَعَلَى أَنَّهُ فِي قَوْلِهِ: كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا، هُوَ مِنْ قَبِيلِ الْمُقَابَلَةِ أَيْضًا؟ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَعْنَى هُوَ كَمَثَلِ الْجَمْعِ؟ أَوِ الْفَوْجِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ، فَهُوَ مِنَ الْمُفْرَدِ اللَّفْظِ الْمَجْمُوعِ الْمَعْنَى. عَلَى أَنَّ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ مَنْ تَخَيَّلَ أَنَّهُ مُفْرِدٌ وَرَامَ مُقَابَلَةَ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ، فَادَّعَى أَنَّ ذَلِكَ هُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ التَّقْدِيرُ، كَمَثَلِ أَصْحَابِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ، وَلَا حَاجَةَ إِلَى هَذَا الَّذِي قَدَّرَهُ لِأَنَّهُ لَوْ فَرَضْنَاهُ مُفْرَدًا لَفْظًا وَمَعْنًى لَمَا احْتِيجَ إِلَى ذَلِكَ، لِأَنَّ التَّشْبِيهَ إِنَّمَا جَرَى فِي قِصَّةٍ بِقِصَّةٍ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا تُشْتَرَطُ الْمُقَابَلَةُ، كَمَا قَدَّمْنَا، وَنَكَّرَ نَارًا وَأَفْرَدَهَا،

[1] سورة الجمعة: 62/ 5.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 127
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست