responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 126
لَا يَكُونُ إِلَّا جَمْعًا لِمُذَكَّرٍ عَاقِلٍ، وَلَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ مَبْنِيًّا الْتُزِمَ فِيهِ طَرِيقَةٌ وَاحِدَةٌ فِي اللَّفْظِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعَرَبِ، وَهُذَيْلٌ أَتَتْ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ فِيهِ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ رَفْعًا وَالْيَاءِ وَالنُّونِ نَصْبًا وَجَرًّا، وَكُلُّ الْعَرَبِ الْتَزَمَتْ جَمْعَ الضَّمِيرِ الْعَائِدِ عَلَيْهِ مِنْ صِلَتِهِ كَمَا يَعُودُ عَلَى الْجَمْعِ الْمُذَكَّرِ الْعَاقِلِ، فَدَلَّ هَذَا كُلُّهُ عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ لَيْسَ بِمُسَوِّغٍ لِأَنْ يُوضَعَ الَّذِي مَوْضِعَ الَّذِينَ إِلَّا عَلَى التَّأْوِيلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ إِرَادَةِ الْجَمْعِ أَوِ النَّوْعِ، وَقَدْ رَجَعَ إِلَى ذَلِكَ الزَّمَخْشَرِيُّ أَخِيرًا.
وَقَرَأَ ابْنُ السَّمَيْفَعِ: كَمَثَلِ الَّذِينَ، عَلَى الْجَمْعِ، وَهِيَ قِرَاءَةٌ مُشْكِلَةٌ، لِأَنَّا قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الَّذِي إِذَا كَانَ أَصْلُهُ الَّذِينَ فَحُذِفَتْ نُونُهُ تَخْفِيفًا لَا يَعُودُ الضَّمِيرُ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا يَعُودُ عَلَى الْجَمْعِ، فَكَيْفَ إِذَا صَرَّحَ بِهِ؟ وَإِذَا صَحَّتْ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ فَتَخْرِيُجَهَا عِنْدِي عَلَى وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ إِفْرَادُ الضَّمِيرِ حَمْلًا عَلَى التَّوَهُّمِ الْمَعْهُودِ مِثْلُهُ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ، كَأَنَّهُ نَطَقَ بِمَنِ الَّذِي هُوَ لَفْظٌ وَمَعْنًى، كَمَا جَزَمَ بِالَّذِي مَنْ تَوَهَّمَ أَنَّهُ نَطَقَ بِمَنِ الشَّرْطِيَّةِ، وَإِذَا كَانَ التَّوَهُّمُ قَدْ وَقَعَ بَيْنَ مُخْتَلِفِي الْحَدِّ، وَهُوَ إِجْرَاءُ الْمَوْصُولِ فِي الْجَزْمِ مَجْرَى اسْمِ الشَّرْطِ، فَبِالْحَرِيِّ أَنْ يَقَعَ بَيْنَ مُتَّفِقِي الْحَدِّ، وَهُوَ الَّذِينَ، وَمَنِ الْمَوْصُولَانِ مِثَالُ الْجَزْمِ بِالَّذِي، قَوْلُ الشَّاعِرِ، أَنْشَدَهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ:
كَذَاكَ الَّذِي يَبْغِي عَلَى النَّاسِ ظَالِمًا ... تُصِبْهُ عَلَى رَغْمٍ عَوَاقِبُ مَا صَنَعَ
الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ إِفْرَادُ الضَّمِيرِ، وَإِنْ كَانَ عَائِدًا عَلَى جَمْعٍ اكْتِفَاءً بِالْإِفْرَادِ عَنِ الْجَمْعِ كَمَا تَكْتَفِي بِالْمُفْرَدِ الظَّاهِرِ عَنِ الْجَمْعِ، وَقَدْ جَاءَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ، أَنْشَدَ أَبُو الْحَسَنِ:
وَبِالْبَدْوِ مِنَّا أُسْرَةٌ يَحْفَظُونَنَا ... سِرَاعٌ إِلَى الدَّاعِي عِظَامٌ كَرَاكِرُهْ
أَيْ كَرَاكِرُهُمْ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْفَاعِلُ الَّذِي فِي اسْتَوْقَدَ لَيْسَ عَائِدًا عَلَى الَّذِينَ، وَإِنَّمَا هُوَ عَائِدٌ عَلَى اسْمِ الْفَاعِلِ الْمَفْهُومِ مِنِ اسْتَوْقَدَ، التَّقْدِيرُ اسْتَوْقَدَ هُوَ، أَيِ الْمُسْتَوْقِدُ، فَيَكُونُ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآياتِ [1] أَيْ هُوَ أَيِ الْبَدَاءُ الْمَفْهُومُ مِنْ بَدَا عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَاتِ فِي الْفَاعِلِ فِي الْآيَةِ، وَفِي الْعَائِدِ عَلَى الَّذِينَ وَجْهَانِ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ. أَحَدُهُمَا:
أَنْ يَكُونَ حُذِفَ وَأَصْلُهُ لَهُمْ، أَيْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ لَهُمُ الْمُسْتَوْقِدُ نَارًا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ شُرُوطُ الْحَذْفِ الْمَقِيسِ، فَيَكُونُ مِثْلَ قَوْلِ الشَّاعِرِ:

[1] سورة يوسف: 12/ 35.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 126
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست