"اعلم رحمك الله أن كل ما توهمه قلبك أو سنح في مجاري فكرك أو خطر في معارضات قلبك من حسن أو بهاء أو ضياء أو إشراق أو جمال، أو شبح ماثل [1] أو شخص متمثل، فالله تعالى بغير ذلك، بل هو تعالى أعظم وأجل وأكبر، ألا تسمع لقوله {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:11] وقوله: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} [الإخلاص:[4]] أي لا شبيه ولا نظير ولا مساوي ولا مثل، أو لم تعلم أنه لما تجلى للجبل تدكدك لعظم هيبته، وشامخ سلطانه؟ كذلك لا يتوهمه أحد إلا هلك، فرد بما بين الله في كتابه من نفسه عن نفسه التشبيه والمثل والنظير والكفؤ، فإن اعتصمت بها وامتنعت منه [أي الشيطان] أتاك من قبل التعطيل لصفات الرب تعالى وتقدس؛ في كتابه وسنة رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - فقال لك: إذا كان موصوفاً بكذا أو وصفته أوجب له التشبيه فأكذبه لأنه اللعين غنما يريد أن يستزلك ويغويك ويدخلك في صفات الملحدين الزائفين الجاحدين لصفة الرب تعالى " [2] ، وعندما يذكر شيخ الإسلام جمل أقوال الطوائف في الصفات يذكر المشبهة مع المنحرفين يقول:" أما باب الصفات والتوحيد، فالنفي فيه في الجملة قول الفلاسفة والمعتزلة وغيرهم من الجهمية.... والإثبات في الجملة مذهب الصفاتية من الكلابية والأشعرية والكرامية وأهل الحديث وجمهور الصوفية والحنبلية والمالكية والشافعية إلا الشاذ منهم وكثير من الحنفية أو أكثرهم وهو قول السلفية [3] ،
لكن الزيادة في الإثبات إلى حد التشبيه هو قول الغالية من الرافضة، ومن جهال أهل الحديث وبعض المنحرفين، وبين نفي الجهمية وإثبات المشبهة مراتب" [4] . [1] في الأصل: أو سنح مسائل والتصويب من حلية الأولياء (10/291) . [2] مجموع الفتاوى (5/62-63) وهذا النص نقله ابن تيمية من كتابه " التعرف بأحوال العباد والمتعبدين " وأورد مترجموه كلاما قريبا من هذا أجاب به سائلا، انظر: طبقات الصوفية للسلمي (ص202) وتاريخ بغداد (12/224) وحلية الأولياء (10/291) والعقد الثمين (6/412) . [3] كذا ولعل الصواب " السالمية ".. [4] مجموع الفتاوى (6/51) .