وأما من علم تلك الأحاديث منهم فإنكاره لها إنما هو عناد واستكبار عن الحق واسترواح لهذه البدعة المنكرة، واتباع للهوى.
وهذه الشفاعة يشارك فيها النبي صلى الله عليه وسلم الملائكة والنبيون والمؤمنون وأدلة هذا النوع كثيرة جداً.
فمنها ما رواه الشيخان في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لكل نبي دعوة مستجابة فتعجل كل نبي دعوته وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة فهي نائلة إن شاء الله، من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئاً" 1 ومنها ما رواه مسلم في صحيحه عن معبد بن هلال العنزي قال: اجتمعنا ناس من أهل البصرة فذهبنا إلى أنس بن مالك، وذهبنا معنا بثابت البناني إليه يسأله لنا عن حديث الشفاعة فإذا هو في قصره فوافقناه يصلي الضحى، فاستأذنا، فأذن لنا وهو قاعد على فراشه فقلنا لثابت لا تسأله عن شيء أول من حديث الشفاعة فقال: يا أبا حمزة هؤلاء إخوانك من أهل البصرة جاؤوك يسألونك عن حديث الشفاعة فقال: حدثنا محمد صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم في بعض....." الحديث وفيه أنهم يأتون آدم فيطلبون منه أن يشفع لهم. فيحيلهم على إبراهيم وإبراهيم يحيلهم على موسى وموسى يحيلهم على عيسى، وعيسى يحيلهم على الرسول صلى الله عليه وسلم فيأتونه فيقول: "أنا لها فأستأذن على ربي فيؤذن لي، ويلهمني محامد أحمده بها، لا تحضرني الآن، فأحمده بتلك المحامد، وأخر له ساجداً، فيقال: يا محمد، ارفع رأسك، وقل يسمع لك، وأشفع تشفع، وسل تعط، فأقول: يا رب أمتي أمتي، فيقال انطلق فأخرج منها من كان في قلبه مثقال شعيرة من إيمان فانطلق فأفعل ثم أعود فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر له ساجداً، فيقال: يا محمد، أرفع رأسك، وقل يسمع لك، واشفع تشفع، وسل تعط، فأقول: يا رب أمتي أمتي فيقال: انطلق فأخرج منها من كان في قلبه مثقال ذرة أو خردلة من إيمان فأنطلق فأفعل، ثم أعود بتلك المحامد، ثم أخر له ساجداً فيقال: يا محمد، ارفع رأسك، وقل يسمع لك، وسل تعط، واشفع تشفع، فأقول: يا رب أمتي أمتي فيقول: انطلق فأخرج من كان في قلبه أدنى مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجه من النار، فأنطلق فأفعل". قال:
1- صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري 13/447، صحيح مسلم 1/189.